يَسْتَنْكِفُوا عن عِبَادة اللَّه؛ كذا هَهُنا، يعني: إذا كَانَ كل من في السَّموات والأرْض مِلْكُه في تَسْخِيره، فكيْفَ يعْقَل أن يُقَالَ: إن اتِّخَاذ اللَّه إبْراهيم خَلِيلاً، يخرجه عن عُبُودِيَّة اللَّه.

فصل


إنما قال: ﴿مَا فِي السماوات وَمَا فِي الأرض﴾ ولم يقل «مَنْ» لأنه ذَهَب به مَذْهَبَ الجِنْس، والذي يُعْقَل إذا ذُكِر وأريد به الجنْسُ، ذكر ب «مَا».
قوله: ﴿وَكَانَ الله بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطاً﴾ فيه وَجْهَان:
أحدهما: المُرَاد مِنْهُ: الإحاطة في العِلْم.
والثاني: الإحَاطَة بالقُدْرَة؛ كقوله: ﴿وأخرى لَمْ تَقْدِرُواْ عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ الله بِهَا﴾ [الفتح: ٢١].
قال القَائِلُون بهذا القَوْل: وليس لِقَائِلٍ أن يَقُولَ: لمَّا دل قوله: ﴿وَللَّهِ مَا فِي السماوات وَمَا فِي الأرض﴾ على كمال القُدْرَةِ، لزم التَّكْرَار؛ لأنَّا نقول إنَّ قوله ﴿وَللَّهِ مَا فِي السماوات وَمَا فِي الأرض﴾ [لا يفيد ظاهره] إلا كونه قَادِراً على ما يَكُون خَارِجَاً عَنْهُمَا، ومغايراً [لهما]، فلما قال: ﴿وَكَانَ الله بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطاً﴾ دلَّ ذلك على كَوْنه قَادِراً على ما لا نهاية له من المَقْدُورَات خَارِج هذه السَّمَواتِ والأرْضِ.
أي: يستَخْبِرُونك في النِّسَاء.
قال الواحدي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: الاستِفْتَاء: طَلَب الفَتْوَى، يقال: اسْتَفْتَيْتُ الرَّجل في المَسْألة؛ فأفْتَاني إفتاءاً وفُتْياً وفَتْوًى، [وهما] اسمْان وُضِعَا موضع الإفْتَاء، ويُقَال: أفْتَيْت فُلاناً في رؤيا رآهَا إذا عَبَّرها، قال - تعالى -: ﴿يُوسُفُ أَيُّهَا الصديق أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ﴾ [يوسف: ٤٦]، ومعنى: أفتنا: إظْهار المُشْكِل، وأصْلُه: من الفَتَى: وهو الشَّابُّ القَوِي، فالمعنى: كأنَّه يَقْوى بِفتيانِه، والمُشْكِل إذا زَالَ إشْكَالُه بِبيَانِهِ مَا أشْكِل، يصيرُ قويّاً فَتِيّاً.


الصفحة التالية
Icon