والثاني: أن يتعلَّق ب «يُتْلَى».
فإن قيل: كيف يجُوزُ تعلُّقُ حَرْفَيْ جرٍّ بلفظ وَاحِدٍ، ومعنى واحِدٍ؟
فالجوابُ أنَّ مَعْنَاهما مُخْتَلفٌ، لأن الأولى للظَّرْفية على بابها، والثانية بمعنى البَاءِ، للسببية مَجَازاً، أو حقيقةً عِنْد مَنْ يقولُ بالاشتراك.
وقال أبو البقاء: كما تَقُولُ: «جئتُك في يوم الجُمْعَة في أمْرِ زَيْدٍ».
والثالث: أنه بَدَل من «فِيهِنَّ» بإعادة العَامِل، ويكون هذا بَدَل بَعْض من كُلٍّ.
قال الزَّمَخْشَرِيُّ: «فإنْ قُلْت: بِمَ تعلَّق قوله: ﴿في يتامى النِّسَاء؟﴾ قلت: في الوَجْه الأوَّل هو صِلَةُ» يُتْلى «أي: يُتْلى عَلَيْكُم في مَعنَاهُنَّ، ويجُوز أن يكُون» في يتامى «بَدَلاً من» فيهنَّ «، وأما في الوَجْهَيْن الأخِيرَيْن فبدلٌ لا غير» انتهى، يَعْنِي بالوجْه الأول: أن يكون «مَا يُتْلَى» مَرْفُوعَ المَحَلِّ.
قال أبو حيَّان: «أمَّا ما أجازه في وجه الرفع من كونه صلة» يتلى «فلا يجُوزُ إلاَّ أنْ يكونَ بَدَلاً مِنْ» فِي الكِتَابِ «أو تكون» في «للسَّبَبية، لئلا يتعلّق حَرْفا جر بلفظٍ واحد، ومعنى واحد، بعاملٍ واحدٍ، وهو ممتنعٌ إلاَّ في البَدَل والعَطْفِ، وأمَّا تجويزُه أنْ يكونَ بَدَلاً من» فيهن «فالظاهرُ أنه لا يجُوز؛ للفَصْلِ بين البَدَلِ والمُبْدَلِ منه بالمَعْطُوف، ويصير هذا نظير قولك:» زيدٌ يقيمُ في الدَّارِ، وعمرو في كِسْرٍ مِنْهَا «فَفَصَلْتَ بين» فِي الدَّارِ «وبين» في كِسْرِ «ب» عمرو «، والمَعْهُودُ في مثل هذا التَّرْكيب:» زيدٌ يقيمُ في الدَّارِ في كِسْرٍ منها وعمرو «.
الرابع: أنْ يتعلَّق بنفس الكِتَاب أي: فيما كَتَب في حُكْم اليَتَامَى.
الخامس: أنه حَالٌ فيتعلَّق بمَحْذوفٍ، وصاحبُ الحالِ هو المَرْفُوعُ ب»
يُتْلى «أي: كائناً في حُكْم يتامَى النِّسَاء، وإضافةُ» يَتَامى «إلى النِّساء من باب إضافةِ الخاصِّ إلى العَامَّ؛ لأنهن يَنْقَسمْن إلى يتامَى وغَيْرِهِن.
وقال الكُوفيُّون: هو من إضافة الصِّفَة إلى المَوْصُوف؛ إذا الأصلُ: في النِّساء اليتامى كقولك: يوم الجمعة وحق اليقين، وهذا عند البَصْريِّين لا يجُوزُ، ويُؤوِّلُون ما وَرَدَ من ذَلِك؛ ولأن الصفة والموصُوف شيء واحدٌ، وإضافة الشيء إلى نفسه محَالٌ.
وقال الزَّمَخْشَرِيُّ: فإنْ قُلْت: إضافة اليَتَامَى إلى النِّسَاء ما هِيَ؟ قلت: هي إضافةٌ، بمَعْنَى:»
مِنْ «نحو: سُحْقِ عِمَامةٍ.
قال أبو حيًّان:»
والذي ذكره النَّحوِيُّون من ذلك [إنَّما هُو] إضافة الشَّيْء إلى


الصفحة التالية
Icon