وَطَمَعاً} [السجدة: ١٦] وطماعةً وطماعيةً كالكراهِيَة؛ قال: [الطويل]
٢٠٤٦ -.......................... طَمَاعِيَةً أنْ يَغْفِرَ الذَّنْبَ غَافِرُهْ
فالتشديدُ فيها خطأٌ، واسمُ الفاعِلِ منه طَمِعٌ ك «فَرِحٍ» و «أشرٍ»، ولم يَحْكِ أبو حيان غيرَه، وحكى الراغب: طَمِعٌ وطَامِعٌ، وينبغي أن يكون ذلك باعتبارين؛ كقولهم «فَرِحٌ» لمن شأنه ذلك، و «فَارِحٌ» لمن تجدَّد له فَرَحٌ.
قوله: «أنْ يُدْخِلَنَا»، أي: «في أنْ» فمحلُّها نصبٌ أو جرٌّ؛ على ما تقدَّم غير مرة. و «مَعَ» على بابها من المصاحبة، وقيل: هي بمعنى «في» ولا حاجة إليه؛ لاستقلال المعنى مع بقاءِ الكلمة على موضوعها.
فصل
قال المُفَسِّرُون -[رحمهم الله]- إنَّ اليَهُودَ عَيَّرُوهم، وقالُوا لَهُمْ: لِمَ آمَنْتُم؟ فأجابُوهُم بِهَذا.
والمراد: يدْخِلُنَا ربُّنَا مع القَوم الصَّالحِيِنَ جَنَّتَهُ، ودارَ رِضوانه قال - تعالى -: ﴿لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُّدْخَلاً يَرْضَوْنَهُ﴾ [الحج: ٥٩]، إلا أنه حَسُنَ الحَذْف لِكَوْنه مَعْلُوماً.
قوله تعالى: ﴿فَأَثَابَهُمُ الله بِمَا قَالُواْ﴾ [المائدة: ٨٥].
وقرأ الحسن: «فآتاهُمُ اللَّهُ» : من آتاه كذا، أي: أعطاهُ، والقراءةُ الشهيرةُ أوْلَى؛ لأنَّ الإثابةَ فيها مَنْبَهَةٌ على أنَّ ذلك لأجْلِ عملٍ؛ بخلاف الإيتاء؛ فإنه يكونُ على عملٍ وعلى غيره، وقوله تعالى: «جَنَّاتٍ» مفعولٌ ثانٍ ل «أثَابَهُمْ»، أو ل «آتاهُمْ» على حسب القراءتَيْنِ. و ﴿تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار﴾ في محلِّ نصبٍ صفةً ل «جَنَّاتٍ». و «خَالِدِينَ» حالٌ مقدرةٌ.
فإن قيل: ظَاهِرُ الآيَةِ يَدُلُّ على أنَّهُم إنَّما اسْتَحَقُّوا ذلك الثَّوابَ بمُجَرَّدِ القوْلِ؛ لأنَّهُ - تعالى - قال: ﴿فَأَثَابَهُمُ الله بِمَا قَالُواْ جَنَّاتٍ﴾، وذَلِكَ غير مُمْكِن؛ لأنَّ مُجَرَّدَ القَوْلِ لا يُفيدُ الثَّوَابَ.
فالجوابُ مِنْ وجهين:
الأوَّلُ: أنَّهُ قد سَبَقَ من وَصْفِهِم مَا يدلُّ على إخلاصِهِمْ فيما قالوا وهُو المعرفَةُ، وذلك قوله - تعالى -: ﴿مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الحق﴾، وكُلَّما حصلتِ المعْرِفَةُ والإخْلاصُ وكمَال