وقيل: يا أيها الَّذِين آمَنُوا بِحَسَب الاسْتِدْلاَلات الإجْمَاليَّةِ، آمِنُوا بحسَبِ الدَّلائل التَّفْصيليَّة.
وقرأ نافعُ والكوفيون:» والكتاب الَّذِي نزَّل على رَسُوله والكِتَاب الذي أنْزل من قبل «على بناء الفِعْليْن للفَاعِل، وهو الله - تعالى -، [وابن كثير، وابن عامر، وأبو عمرو:] على بنائهما للمَفْعُول، والقائمُ مقامَ الفَاعِل ضَمِير الكِتَاب.
وحُجَّة الأوَّلِين: قوله - تعالى -: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذكر﴾ [الحجر: ٩]، وقوله ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذكر﴾ [النحل: ٤٤]، وحجة الضم: قوله - تعالى -: ﴿لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾ [النحل: ٤٤]، وقوله: ﴿يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ [مِّن رَّبِّكَ بالحق] ﴾ [الأنعام: ١١٤].
قال بعض العلماء: كلاهما حَسَن، إلا أن الضَّمَّ أفْخَمُ، كقوله: ﴿وَقِيلَ ياأرض ابلعي مَآءَكِ﴾ [هود: ٤٤].
وقال الزَّمَخْشَرِيُّ: فإن قُلْتَ [لِمَ] قال: ﴿نَزَّلَ على رَسُولِهِ﴾، و ﴿أَنَزلَ مِن قَبْلُ﴾ ؟.
قلت: «لأنَّ القرآن نَزَل مُنَجَّماً مفرَّقاً في عِشْرِين سَنَة، بخلاف الكُتُب قَبْله»
، وقد تَقَدَّم البَحْث معه في ذَلِكَ، عند قوله - تعالى -: ﴿نَزَّلَ عَلَيْكَ الكتاب بالحق مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التوراة﴾ [آل عمران: ٣] وأن التَّضْعِيف في «نزَّلَ» للتَّعْدِية، مرادفٌ للهَمْزَة لا للتَّكْثِير.

فصل


اعلم: أنه [تعالى] أمَرَ في هذه الآيَة بالإيمَانِ بأرْبَعة أشْيَاء:
أوّلها: بالله.
وثانيها: برسوله.
وثالثها: بالكتاب الذي نزَّل على رسُوله.
ورابعها: [الكتاب الَّذِي أنْزَل من قَبْل. وذكر في الكُفْر أمُوراً خَمْسةً:
أولها: الكُفْر باللَّه.
وثانيها: الكُفْر بملائِكَتِهِ.
وثالثها: الكُفْر بكُتُبِه].
ورابعها: الكُفْر برسُله.


الصفحة التالية
Icon