والثاني: أنه جمع «مَفتح» بفتح الميم وهو المكان. ويؤيده تَفْسِيرُ ابن عبَّاسٍ: هي خزائن المطر.
قال الفراء: قوله تعالى: ﴿مَآ إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بالعصبة﴾ [القصص: ٧٦] يعني: خزائنه.
فعلى الأول فقد جعل للغيب [مفاتيح] على الاسْتِعَارةِ؛ لأن المفاتيحَ يُتَوَصَّلُ بها إلى ما في الخزائن المُسْتوثقِ منها بالأغلاقِ والأقفَال.
وعلى الثاني: فالمعنى: وعنده خزائن الغَيْبِ، والمراد منه القُدْرَةُ على كل الممكنات.
والثالث: أنه جمع «مِفْتاح» بكسر الميم والألف، وهو الآلة أيضاً إلاَّ أن هذا فيه ضعفٌ من حيث إنه كان ينبغي أن تُقْلَبَ ألف المفرد ياءً، فيقال: مفاتيح ك «دنانير» ولكنه قد نقل في جمع «مِصْبَاح» «مَصَابِح»، وفي جمع «مِحْرَاب» «مَحَارِب»، وفي جمع «قرقور» «قراقر»، وهذا كما أتوا بالياء في جمع ما لا مدة في مفرده كقولهم: «دَرَاهيم» و «صَيَارِيف» في جمع «دِرْهَم» و «صَيْرَف» قال: [البسيط]
٢١٨٧ - تَنْفِي يداها الحَصَى فِي كُلِّ هَاجِرَةٍ | نَفْيَ الدَّراهيمِ تَنْقَادُ الصَّيَاريفِ |
٢١٨٨ - فِيهَا عَيَايِيلُ أسُودٌ ونُمُرْ... قالوا: عيَّاييل ونُمور [فزاد في] ذلك ونقص.
وقد قرئ «مفاتيح» بالياء، وهي تؤيد أن «مَفَاتح»، وإنما حذفت مدّته.
وجوَّز الوَاحِدِيُّ أن يكون «مَفَاتح» جمع «مَفْتح» بفتح الميم، على أنه مصدر قال بعد كلام حكاه عن أبي إسْحاقَ: فعلى هذا «مفاتح» جمع «المَفْتح» بمعنى الفَتْح كأن المعنى: وعنده فُتُوحُ الغيب، أي: هو يفتح الغَيْبَ على مَنْ يَشَاءُ من عباده. وقال أبو البقاء: «مفاتح» جمع «مفتح»، والمفتح الخزانَةُ.