قلت: فيه وجهان:
أحدهما: أن يُرَادَ: فالق ظلمة الإصباح، يعني أنه على حذف مضاف.
والثاني: أنه يُرَاد: فالق الإصباح الذي هو عمود الفَجْرِ عن بياض النهار وإسْفَارِهِ، وقالوا: انشق عمود الفجر وانصدع، وسمّوا الفجر فلقاً بمعنى مَفْلُوق؛ قال الطائي: [البسيط]
٢٢٦٢ - وَأزْرَقُ الفَجْرِ يَبْدُوا قَبْلَ أبْيَضِهِ.......................
وقرئ: «فالق» و «جاعل» بالنصب على المَدْحِ انتهى.
وأنشده غيره في ذلك: [البسيط]
٢٢٦٣ - فانْشَقَّ عَنْهَا عَمُودُ الفَجْرِ جَافِلَةً | عَدْوَ النَّحُوصِ تَخَافُ القَانِصَ اللَّحِمَا |
وقيل: إن الإصباح مصدر سُمِّيَ به الصبح كما تقدم.
قوله: «وجَاعل اللَّيْل» قرأ الكوفيون: «جَعَلَ» فعلاً ماضياً، والباقون بصفغة اسم الفاعل والرَّسْم يحتملهما، و «اللَّيْل» مَنْصُوبٌ عند الكوفيين بمقتضى قراءتهم، ومجرور عند غيرهم، وَوَجْهُ قراءتهم له فعلاً مناسبة ما بعده، فإن بعده أفعلاً ماضية نحو: «جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ» و «هُو الذي أنْشَأ» إلى آخر الآيات ويكن «سَكَناً» إما مفعولاً ثانياً على أنَّ الجَعْل [بمعنى التصيير، وإما حالاً على أنه بمعنى] الخلق، وتكون الحال مُقدّرة، وأما قراءة غيرهم ف «جاعل» يحتمل أن يكون بمعنى المضين ويؤيده قراءة الكوفيين، والماضي عند البصريين لا يعمل إلا مع «أل» خلافاً لبعضهم في مَنْع إعمال المعرَّف بها، وللكسائي في إعماله مُطْلَقا، فإذا تقرَّر ذلك ف «سَكَناً» مَنْصُوبٌ بفعل مُضْمَرٍ عند البصريين، وعلى مقتضى مذهب الكسائي ينصبه به.