ويجوز أن ينتصب «جنات» نسقاً على «خَضِراً»، وجوز الزمخشري - وجعلهُ الأحسن - أن ينتصب على الاختِصَاصِ، كقوله: ﴿والمقيمي الصلاة﴾ [الحج: ٣٥].
قال: «لفضل هذين الصِّنفين» وكلامه يفهم أن القراءة الشهيرة عنده رفع «جَنَّات» والقراءة بنصبهما شاذَّة، فإنه أوَّل ما ذكر توجيه الرَّفْع كما سياتي، ثم قال: وقرئ «وجنات» بالرفع وفيها ثلاثة أوجه:
أحدهما: أنها مرفوعة بالابتداء، والخبر محذوف، واختلفت عبارة العربين في تقديره فمنهم من قدَّرهُ متأخراً ومنهم من قدَّرَهُ متقدماً؛ فقدَّره الزمخشري متقدماً أي: وثمَّ جنات، وقدره أبو البقاء: ومن الكَرْمِ جنَّاتٌ، وهذا تقدير حسن لِمُقابلةِ قوله: «ومِنَ النَّخْل» أي: من النخل كذا، ومن الكرم كذا، وقدَّرهُ النَّحَّاسُ «ولَهُمْ جنَّاتٌ»، وقدره ابن عطية: «ولكن جنَّات».
ونظيره قوله في قراءته ﴿وَحُورٌ عِينٌ﴾ [الواقعة: ٢٢] بعد قوله: ﴿يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ بِأَكْوَابٍ﴾ [الواقعة: ١٧، ١٨] أي: ولهم حُورٌ عين، ومثل هذا اتَّفَقَ على جوازه سيبويه، والكسائي، والفراء.
وقدره الزمخشري، وأبو حيان متأخراً؛ فقال: أي: وجنات من أعناب أخْرجناها قال الشيخ: ودلَّ على تقديره قوله قبل: «فأخْرَجْنَا» كما تقول: أكرمت عبد الله وأخوه، أي: وأخوه أكرمته.
قال شهاب الدين: وهذا التَّقديرُ سَبَقَهُ إليه ابن الأنْبَارِيّ، فإن قال: «الجنَّات» رفعت بمضمر بعدها تأويلها: وجنات من أعناب أخرجناها، فجرى مجرى قول العرب «أكرمت عبد الله وأخوه» تريد وأخوه أكرمته.
قال الفرزدق: [الطويل]
٢٢٧٣ - غَدَاةَ أحَلَّتْ لابْنِ أصْرَمَ طَعْنَةٌ | حُصَيْنٍ عَبِيطاتِ السِّدائِفِ والخَمْرُ |