٢٢٩٧ - وإنِّي لآتٍ مَا أتَيْتُ وَإنِّنِي لِمَا اقْتَرَفَت نَفْسِي عَلَيَّ لَرَاهِبُ
وأصل القِرْفِ والاقْتِرَاف: قِشْرُ لحاء الشَّجر، والجِلْدَةُ من أعَلَى الحرج وا يؤخَذُ منه قَرف، ثُمَّ استُعِير الاقْتِرَاف للاكْتِسَاب حَسَناً كان، أو سِّئاً وفي السيّئ أكثر اسْتِعْملاً وقارف فلان أمْراً: تَعَاطى ما يُعَاب به.
وقيل: الاعْتراف يُزِيل الاقْتِرَاف، ورجل مُقْرِف، أي: هجين: قال الشَّاعر: [الرمل]
٢٢٩٨ - كَمْ بِجُودٍ مُقْرِفٍ نَالَ العُلَى وشَريفٍ بُخْلُهُ قَدْ وَضَعهْ
وقَرَفْتُه بكذا: اتَّهَمْتُه، أو عِبْتُه به، وقارف الذَّنْب وعَبَره، إذا أتَاه ولا صقَهُ، وقارف امْرَأتَهُ، وإذا جَامَعها، والمُقْتَرِف من الخَيْل: الهَجِين، وهو الَّذي أمُّه برذون، وأبُوه عَرَبِيّ.
وقيل: بالعَكْس.
وقيل: هُو الَّذي دان الهجنة وقَارَفَها، ومن حَدِيب عُمَر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه -: كتب إلى أبِي مُوسى في البَراذِين ما قَارفَ العِتَاق مِنْهَا، فأجْعَل لَهُ منهما واحٍداً، أي: قَارَبَهَا ودَانَاهَا، نقله ابن الأثير.

فصل في تقدير الآية


قال ابن الخِطِيب [قال أصْحَابنا] تقدير الآية الكَرِيمة: وكذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نِبِيِّ عدوّاً من شَيَاطين الجِنِّ والإنْس، وصفته: أنَّه يُوحِي بَعْضُهم إلى بَعْض زُخْرُف القَوْل غَرُواً، وإنَّما فَعَلْنا ذلك لِتَصْغَى إلَيْه أفْئِدة الذين لا يُؤمِنُون بالآخرة أي: أوْجدنا العداوة في قَلْب الشَّيَاطين الذين من صفتهم ما ذَكرْنَاهُ، ليكون كلامهم المُزَخْرَف مَقْبُولاً عند هؤلاء الكُفَّار.
قالوا: وإذ حَمَلْنا الآية على هذا الوَجْه، يظهر أنَّه - تبارك وتعالى - يُريد الكُفْر من الكَافِر.
أجاب المُعْتَزِلَة عنه من ثلاثة أوْجُه:
الأول: قال الجُبَّائي: إن هذا الكلام خرج مَخْرج الأمر، ومعناه: الزَّجْر؛ كقوله - تبارك وتعالى -: ﴿واستفزز مَنِ استطعت مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم﴾ [الإسراء: ٦٤] وكذا قوله: «وَلِيَرْضَوْه، ولِيقْتَرِفُوا» وتقدير الكلام: كأنَّه قال للرَّسُول - عليه السَّلام -: «فّذرْهُم


الصفحة التالية
Icon