في بِئرِ، فقال أحدهما: «إنا فَطَرتُهَا»، أي: أنْشَأتُهَا وابتدأتها.
ويقال: فَطَرْتُ كذا فَطْراً وفَطَر هو فُطوراً، وانْفَطَرَ إنْفَطَاراً وفَطَرْتُ الشَّاة: حَلَبْتُهَا بأصْبُعَيْنِ، وفَطرْتُ العَجينَ: خبرْته في وَقْتِهِ.
وقوله تبارك وتعالى: ﴿فِطْرتَ الله التي فَطَرَ الناس عَلَيْهَا﴾ [الروم: ٣٠] إشارة منه إلى ما فَطَرَ، أي: أبدع وركز الناس من معرفته [ما ركز]، ففطرة اللِّهِ ما رُكِّز من القُوِّةِ المُدْرِكة لمعرفته، وهو المُشَارُ إليه بقوله تعالى: ﴿وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ الله﴾ [الزخرف: ٨٧].
وعليه: «كُلُّ مولودٍ يُوْلَدُ على الفِطْرَةِ» الحديث.
وهذه الآية الكريمة نزلت حين دعا إلى الله آباءه فقال تعالى: يا محمد ﴿قُلْ أَغَيْرَ الله أَتَّخِذُ وَلِيّاً﴾ رباً معبوداً وناصراً ومعيناً.
قوله: ﴿وَهُوَ يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ﴾ القراءة المَشْهُرة ببناء الأوَّل للفاعل، والثَّاني للمعفول، والضمير للِّهِ تعالى، والمعنى: وهو يَرْزَق، وهو موافق لقوله تعالى: ﴿مَآ أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَآ أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ﴾ [الذاريات: ٥٧].
وقرأ سعيد بن جبير، ومجاهد بن حبر، والأعمش، وأبو حيوة، وعمرو بن عبيد، وأبو عمرو العلاء في رواية عنه: وَلاَ يَطْعَمُ «بفتح الياء والعين، والضميرُ في ولا يُطْعِم للولِيّ.
وقرأ يعقوب في رواية أبي المأمون:»
وهو يُطْعَمُ ولا يُطْعِم «ببناء الأوَّل للمفعول، والثَّاني للفاعل، على عَكْسِ القراءة المشهورة، والضمائر الثلاثة أعني هو والمستترين في الفعلين للولي فقط أي: وذلك الولي يُطعمه غيره، ولا يُطْعِمُ هو أحداً لعَجْزِه.
وقرأ الأشْهَبُ:»
وهو يُطْعِمُ ولا يُطْعِم «ببنائهما للفاعل.


الصفحة التالية
Icon