قلت: لأنَّ جنسَ الحسنة وقوعه كالواجب، لكثرته واتِّساعه، وأمَّا السَّيَّئةُ فلا تقع إلاَّ في الندرَةِ، ولا يقع إلاَّ شيء منها، وهذا من محاسن عِلْمِ البَيَانِ.
قوله «يَطَّيَّرُوا» الأصْلُ: «يتطيَّروا» فأدغمتِ التَّاءُ في الطَّاءِ، لمقاربتها لها.
وقرأ عيسى بنُ عُمَرَ: وطلحةُ بنُ مصرف «تَطَيَّروا» بتاءٍ من فوق على أنَّهُ فعلٌ ماضٍ وهو عند سيبويه وأتباعه ضرورةٌ. إذ لا يقعُ فعل الشَّرْطِ مضارعاً، والجزاء ماضياً إلاَّ ضرورةً، كقوله: [الخفيف]
٢٥٥١ - مَنْ يَكِدْنِي بِسَيِّىءٍ كُنْتُ مِنْهُ | كالشَّجَى بَيْنَ حَلْقِهِ والوريدِ |
٢٥٥٢ - إن يَسْمَعُوا سُبَّةً طَارُوا بِهَا فَرحاً | مِنِّي وما يَسْمَعُوا مِنْ صالحٍ دَفَنُوا |
وأنشدوا للبيد: [الوافر]
٢٥٥٣ - تَطِيرُ عدائِدُ الأشْرَاكِ شَفْعاً | وَوِتْراً والزَّعَامَةُ لِلْغُلامِ |
قوله: ﴿ألا إنما طائرهم عند الله﴾ أي حَظُّهم، وما طار لهم في القضاء والقدر، أو شؤمهم أي: سبب شؤمهم عند الله، وهو ما ينزله بهم.
قال ابن عباس: يريد شؤمهم عند الله، وهو ما ينزله بهم.
قال ابن عباس: يريد شُؤمَهُمْ عند الله، أي من قِبَل الله، أي: إنما جاءهم الشَّرُّ بقضاءِ الله وحُكْمِهِ.
قال الفَرَّاءُ: وقد تَشَاءَمَت اليهود بالنبي - عليه السلام - ب «المدينة»، فقالوا: غَلَتْ أسْعَارُنَا، وقَلَّتْ أمطارنا مذ أتانا، وكثرت أمواتنا.
ثم أعلم الله على لسان رسوله - عليه السلام - أن طيرتهُمْ باطلة، فقال: «لا طيرة ولا هامة» - وكان النبي عليه السلام يَتفَاءَلُ ولا يَتَطَيَّرُ.
وأصل الفَألِ: الكلمة الحسنة، وكانت العرُب مذهبها في الفَألِ والطِّيرةِ واحداً،