جراءة عظيمة، فطلب من الله غفرانها والتَّجاوز عنها.
وقوله: ﴿وَأَنتَ خَيْرُ الغافرين﴾ أي: أنَّ كلَّ مَنْ سواك فإنَّمَا يتجاوزُ عن الذَّنب إمَّا طلباً للثناء الجميل، أو للثَّواب الجزيل، أو دفعاً للرقة الخسيسة عن القلب، أمَّا أنت فتغفر ذنوب عبادك لا لطلب غرض وعوض، بل لمحض الفضل والكرم.
قوله: ﴿وَأَنتَ خَيْرُ الغافرين﴾ الكتابة تذكر بمعنى الإيجاب. ولمَّا قرَّرَ أنَّه لا ولي له إلاَّ الله، والمتوقع من الولي والنَّاصر أمران: أحدهما: دفع الضَّرر والثاني: تحصيل النَّفع، ودفع الضَّرر مقدم على تحصيل النَّفع؛ فلهذا السَّبَبِ بدأ بطلب دفعِ الضَّررِ وهو قوله: ﴿فاغفر لَنَا﴾ [الأعراف: ١٥٥] ثُمَّ أتبعه بتحصيل النَّفْعِ، وهو قوله ﴿واكتب لَنَا فِي هذه الدنيا حَسَنَةً﴾ والمُرادُ بالحسنة في الدُّنْيَا، النَّعمةُ والعافيةُ، والحسنةُ في الآخرة: المغفرة والجنة.
قوله: ﴿إِنَّا هُدْنَآ إِلَيْكَ﴾ العامَّةُ على ضم الهاءِ، من هاد يَهُود بمعنى: مال؛ قال: [السريع]
٢٥٩٤ - قَدْ عَلِمَتْ سَلْمَى وجَارَاتُهَا | أنِّي مِنَ اللَّهِ لَهَا هَائِدُ |
٢٥٩٥ - إنِّي امْرؤ مِمَّا جَنَيْتُ هَائِدُ... ومن كلام بعضهم: {المجتث]
٢٥٩٦ - يَا رَاكِبَ الذَّنْبِ هُدْهُدْ | واسْجُدَ كأنَّكَ هُدْهُدْ |
فيقال في «عقتُ» من العوق إذَا عاقك غَيْرُكَ: «عِقْت» بالكَسْرِ فقط، أو الإشمام، وفي: «بعت يا عبد» إذا قصد أن غيره باعه «بُعْت» بالضم فقط أو الإشمام، ولكن سيبويه جوَّز في «قيل وبيع» ونحوهما الأوجه الثلاثة من غير احتراز.