وقال عطاء: سنمكر بهم، وقيل: نأتيهم من مأمنهم كقوله: ﴿فأتاهم اله من حيث لم يحتسبوا﴾ [الحشر: ٢].
وقال الكلبي: نزين لهم أعمالهم لتهلكهم. وقال الضحاك كلما جددوا معصية جددنا نعمة.
وقال سفيان الثوري: نسبغ عليهم النعم ثم نسلبهم الشكر من حيث لا يعلمون ما يراد بهم، ثم يأخذهم الله دفعة واحدة على غرتهم أغفل ما يكون ولهذا قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - لما حمل إليه كنوز كسرى اللهم إني أعوذ بك أن أكون مستدرجا، فإني سمعتك تقول: " سنستدرجهم من حيث لا يعلمون ".
قوله: ﴿وأملي لهم﴾ جوز أبو البقاء فيه أن يكون خبر مبتدأ مضمر، أي: وأن أملي وأن يكون مستأنفا، وأن يكون معطوفا على سنستدرج، وفيه نظر: إذ كان من الفصاحة لو كان كذا لكان ونملي بنون العظمة. ويجوز أن يكون هذا قريبا من الالتفات والإملاء: الإمهال والتطويل، والمتين: القوي، ومنه المتن وهو الوسط؛ لأنه أقوى ما في الحيوان، وقد متن يمتن متانة أي: قوي.
وقرأ العامة إن كيدي بالكسر على الاستئناف المشعر بالعلية.
وقرأ ابن عامر في رواية عبد الحميد أن كيدي بفتح الهمزة على العلة.
والملي: زمان طويل من الدهر، ومه قوله: ﴿واهجرني مليا﴾ [مريم: ٤٦] أي: طويلا، والمعنى: أطيل لهم مدة أعمارهم ليتمادوا في المعاصي، ولا أعاجلهم في العقوبة، ليقلعوا عن المعصية بالتوبة.
وقوله: ﴿إن كيدي متين﴾ قال ابن عباس: يريد: إن مكري شديد قوله: ﴿أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُواْ مَا بِصَاحِبِهِمْ مِّن جِنَّةٍ﴾. يجوزُ في " ما " أوجه: أحدها: أن تكون استفهامية في محلِّ رفع بالابتداء، والخبرُ " بصَاحبهم " أي: أيُّ شيء استقرَّ بصاحبهم من الجُنُونِ؟ ف: الجِنَّة: مصدرٌ يراد بها الهيئة، ك: الرِّكْبَةِ، والجلسة.