وقال مجاهدٌ وابن جريجٍ: أمروا أن يذكروه في الصدورِ بالتضرع في الدُّعاء والاستكانة دون رعف الصوت والصياح في الدعاء.
قوله بالغُدُوِّ والآصالِ متعلق ب: اذْكُر أي: اذكُرْهُ في هذين الوقتين وهما عبارةٌ عن اللَّيل والنَّهارِ.
ومعناهما: البكرات والعشيَّات.
وقال أبُو البقاءِ: بالغُدُوِّ متعلق ب: ادعُو وهو سبقُ لسانٍ، أو قلم، إذ ليس نظمُ القرآن كذا، والغُدُوُّ: إما جمع غدوة، ك: قمح وقمحة، وعلى هذا فيكون قد قابل الجمع بالجمع والمعنوي.
وقيل هو مصدرٌ، قال تعالى: ﴿غُدُوُّهَا شَهْرٌ﴾ [سبأ: ١٢] فيقدَّرُ زمانٌ مضاف إليه حتَّى يتقابل زمان مجموع بمثله تقديره: بأوقات الغدو، والآصال جمع: أصُل، وأصُل جمع: أصيل، فهو جمع الجمع ولا جائزٌ أن يكون جمعاً ل: أصِيل، لأنَّ فعيلاً، لا يجمع على أفعال وقيل: هو جمعٌ ل: أصِيل، وفَعِيلٌ يجمع على أفْعَال نحو: يَمِينٌ وأيمانٌ، وقيل: آصال جمع ل: أصُل، وأصُل مفرد، ثبت ذلك من لغتهم، وهو العَشِيُّ وفُعُل يجمع على «أفْعَال» قالوا: عُنُق وأعْنَاق، وعلى هذا فلا حاجة إلى دَعْوَى أنَّه جمعُ الجمع، ويجمعُ على «أصْلأان» ك: رغيفٍ ورُغْفَان، ويُصَغَّر على لفظه؛ كقوله: [البسيط]
٢٦٦٧ - وقَفْتُ فيهَا أصَيْلاناً أسَئِلُهَا | عَيَّتْ جواباً وما بالرَّبْعِ مِنْ أحَدِ |
وقرأ أبو مجلز واسمه: لاحقُ بنُ حُميدٍ السدوسيُّ البصري: والإيصَال مصدرُ: أصَلَ أي: دَخَلَ في الأصيلِ، والأصيلُ: ما بين العصر والمغرب.
ثمَّ قال تعالى ﴿وَلاَ تَكُنْ مِّنَ الغافلين﴾ والمرادُ منه أنَّ العبد يجبُ أن يكون ذاكراً لِلَّهِ تعالى في كلِّ الأوقات لأنه حثّه على الذكرِ الغدوات وبالعشيات ثم عمَّمَ بقوله: ﴿وَلاَ تَكُنْ مِّنَ الغافلين﴾ يعني أنَّ الذكر القلبي يجب أن يكون دائماص، وأن لا يغفل الإنسانُ عنه لحظةً واحدةً بحسب الإمكان.
قوله: ﴿إِنَّ الذين عِندَ رَبِّكَ﴾ يعني الملائكة المُقرَّبين: «لا يسْتكبرُونَ» لا يتكبَّرُون