٤- بعد أن تولى أبو بكر خلافة المسلمين، واضطر إلى محاربة المرتدين ومانعي الزكاة، واستشهد في هذه المعارك جمهرة من حفاظ القرآن وقرائه الذين وعت صدورهم الكتاب العزيز أشار عمر رضي الله عنه على الصديق بجمع القرآن في مصحف واحد خشية أن يضيع شيء منه بموت القراء، فأبى عليه أبو بكر الذي اتخذ لنفسه منهج الاتباع للنبي الكريم، ورأى أول الأمر في ذلك العمل بدعة لم يعملها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما زال به عمر حتى استبان للصديق أن هذا العمل هو من صميم منهج الاتباع، لأنه يهدف إلى الحفاظ على دستور الأمة، وكتابها الحق، ولنترك زيد بن ثابت يكمل القصة وقد أرسل إليه أبو بكر، فقال له : إنك رجل، شاب، عاقل، لا نتهمك، قد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فتتبع القرآن واجمعه، قال زيد : فوالله لنقل جبل من الجبال ما كان أثقل عليّ من الذي أمرني به من جمع القرآن، أجمع من الرقاع واللخاف، والعسف، وصدور الرجال حتى وجدت سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري، لم أجدها مع أحد غيره :﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ﴾، حتى خاتمة السورة، فكانت الصحف عند أبي بكر حياته، حتى توفاه الله، ثم عند عمر حتى توفاه الله، ثم عند حفصة ابنة عمر"١.
ولا شك أن جهود الحفاظ والكتاب توافرت مع زيد الذي رأس هذا العمل حتى تم هذا الإنجاز العظيم على طريق الحفاظ على الكتاب العزيز.
٥- الجمع الثاني وكتابه المصحف العثماني، المعروف بالمصحف الإمام، ونسخت منه عدة نسخ وزعت على الأمصار وأحرق
________
١ الفهرست لابن النديم ص ٣٧ دار المعرفة بيروت.
١٩ | ٣٢٠