خمس جهات : إحداها : قرب المخرج من الألف، والثانية : أنها زائدة كألف التأنيث، والثالثة : أنها تدل على التأنيث كالألف، والرابعة : أنها تسكن في الوقف كالألف، والخامسة : أن ما قبلها لا يكون إلا مفتوحًا كالألف" ثم يقول : فلما تمكن الشبه في الوقف بالسكون أجراها الكسائي مجرى الألف في الوقف خاصة، فأمال ما قبلها من الفتح، فقربه من الكسر، كما يفعل بألف التأنيث١.
وهكذا يوجه مكي هذا النوع من الإمالة الذي اتجه إليه القراء، ولم يهتم به النحاة إلا قليلًا.
ويروي ابن الباذش عن خلف بن هشام قوله : سمعت الكسائي يقف على قوله تعالى :﴿بِالْآَخِرَة﴾ وعلى :"نعمة، ومعصية، ومرية، والقيمة"، ونحو ذلك بكسر الراء في الآخرة، والميم في نعمة، والياء في معصية، وكذلك بقيتها٢.
ويقول ابن الجزري عن إمالة ما قبل هاء التأنيث في الوقف : فتبدل في الوقف هاء، وقد أمالها بعض العرب، كما أمالوا الألف. وقيل للكسائي : إنك تميل ما قبل هاء التأنيث، فقال : هذا طباع العربية. قال الحافظ أبو عمرو الداني : يعني بذلك أن الإمالة لغة أهل الكوفة، وهي باقية فيهم إلى الآن، وهم بقية أبناء العرب، يقولون : أخذته أخذِه، وضربته ضرِبه. وقال : وحكى ذلك عنهم الأخفش سعيد بن مسعدة. قلت : الإمالة في هاء التأنيث وما شابهها من نحو :"همزة، ولمزة، وخليفة، وبصيرة" هي لغة الناس اليوم، والجارية على ألسنتهم في أكثر البلاد، شرقًا وغربًا، وشامًا، ومصرًا، لا يحسنون غيرها، ولا ينطقون بسواها، يرون ذلك أخف على لسانهم، وأسهل في طباعهم،
________
١ الكشف ج١ ص٢٠٣.
٢ الإقناع ج١ ص٣١٥.
٢٢٠ | ٣٢٠