وأنقاها، وتناقلته عنهم الجماهير المسلمة من شتى الأمصار الإسلامية.
والاختلافات التي ظهرت في عهد عثمان -رضي الله عنه- كانت أحداثًا فردية حسمت بكتابة المصحف الإمام ليكون ضابطًا للقراءات الصحيحة مانعًا لغيرها.
والأسلوب الذي اتبع في كتابته كان يسمح باستيعاب الحروف السبعة التي أنزل بها القرآن الكريم تيسيرًا على العباد، كما فصلنا ذلك في موضع آخر.
وأمر آخر :
لو كانت القراءات مرجعها إلى الرسم لكان ينبغي أن تكون كل قراءة موافقة لرسم المصحف صحيحة مقبولة، ولكن الأمر على غير ذلك؛ إذ هناك قراءات موافقة للرسم ومردودة مثل قراءة حماد الراوية :﴿مَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ﴾ قرأها "أباه"١ وقراءة "وما كنتم تستكثرون"٢ في سورة الأعراف، وسبق أن أشرنا إليها وكلتا القراءتين مما استشهد به جولد تسيهر.
لكن الرسم تابع للرواية والنقل، وأن القراءة منقولة من أفواه الرجال الحفظة٣، وهذه قضية فات المستشرقون وأذنابهم أن يفقهوها.
ومن المعلوم في تاريخ القراءات والقراء أنهم كانوا يردون قراءة ابن مقسم، وابن شنبوذ أما أولهما فكان يقول : إن كل قراءة وافقت
________
١ التوبة : ١١٤، راجع الإتحاف ص٢٤٥.
٢ سبق أن قلنا لم ترد هذه القراءة في السبع ولا العشر، ولا الأربع عشرة الاتحاد ص٢٢٥.
٣ التصحيف للعسكري ص٩.
٢٦٩ | ٣٢٠


الصفحة التالية
Icon