المسلمين الذين لا يعرفون أصول الرسم العثماني، وتصدى لهؤلاء من يعارضونهم ويقولون بضرورة الحفاظ على الرسم العثماني.
والذي أريد أن أقرره بين يدي هذه القضية أن المطالبة بتيسير رسم المصحف قضية عرفت من عدة قرون، وليست وليدة القرن الماضي.
ففي هذه المسألة رأيان، ولكل صاحب رأي وجهة هو موليها وله أدلته التي يستند إليها.
وسنعرض بإيجاز لكلا الرأيين، والحجج التي تساند كلا منهما، ونحاول أن ننتهي إلى التصور الذي نرجو أن يكون سديدًا فيحقق الغاية دون تضييع أو تفريط.
القائلون بضرورة كتابة المصحف بالرسم العثماني.
يرى هؤلاء أن هذا الرسم توقيفي، كتب به كتبة الوحي، وكتب المصحف الأول في عهد أبي بكر، وسار الصحابة على هذا النمط من الهجاء دون محاولة تغييره، وسار الأمر على ذلك في عهد عثمان رضي الله عنه.
وهذه حجة أولى ولهم حجة ثانية.
هي رأي الإمام مالك، والإمام أحمد بن حنبل -رضي الله عنهما- أما رأي الإمام مالك فقد روى السخاوي أن مالك بن أنس سئل : أرأيت من استكتب مصحفًا، أرأيت أن يكتب ما استحدثه الناس من الهجاء اليوم؟ فقال : لا أرى ذلك، ولكن يكتب على الكتبة الأولى١.
ثم يعلق السخاوي على هذا بقوله : والذي ذهب إليه مالك هو
________
١ البرهان للزركشي "١/ ٣٧٩"، والإتقان للسيوطي "٢/ ٢٨٣"، والحكم للداني ص١٥.
٢٧٢ | ٣٢٠


الصفحة التالية
Icon