حكى أبو عبيدة عن أبي الخطاب١، وهو رأس رؤساء الرواة : أنها لغة كنانة يجعلون ألف الاثنين في الرفع والنصب والخفض على لفظ واحد، ومنه قوله الشاعر٢ :
تزود منا بين أذناه ضربة دعته إلى هابي التراب عقيم
وقال الزجاح : وقال النحويون القدماء : ها هنا هاء مضمرة، والمعنى :"إنه هذان لساحران" كما نقول :"إنه زيد منطلق" ثم نقول :"إن زيدٌ منطلق".
وقال المبرد : أحسن ما قيل في هذا أن يجعل :"إن" بمعنى "نعم"، المعنى :"نعم هذان لساحران" فيكون ابتداء وخبرًا قال الشاعر٣ :
ويقلن شيب قد علا ك وقد كبرت فقلت : إنَّه
أي : نعم. فإن قيل : اللام لا تدخل بين المبتدأ وخبره، لا يقال : زيد لقائم، فما وجه هذان لساحران؟
الجواب في ذلك : أن من العرب من يدخل لام التوكيد في خبر المبتدأ، فيقول : زيد لأخوك، قال الشاعر :
خالي لأنت ومن جرير خاله ينل العلاء ويكرم الأخوالا
وقال الزجاج : المعنى :"نعم هذان لساحران".
________
١ هو عبد الحميد بن عبد المجيد الأخفش الكبير، وأستاذ سيبويه.
٢ البيت لهوبر الحارني "لسان العرب مادة هبا" والهابي : التراب المختلط بالرماد.
٣ البيت لعبد الله بن قيس الرقيات "ديوانه ص٦٦" وانظر الكتاب لسيوبه ١/ ٤٧٥، ٢/ ٢٧٩ وخزانة الأدب ٤/ ٤٨٧.
٢٩٦ | ٣٢٠