ورجح هذا القول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله فقال بعد ما رجح هذا القول :... إن هذا القرآن لم يأت بكلمات، أو بحروف خارجة عن نطاق البشر، وإنما هي من الحروف التي لا تعدو ما يتكلم به البشر، ومع ذلك فقد أعجزهم.
وأما قول من قال إنما ذكرت ليعرف بها أوائل السور، فهذا ضعيف، لأن الفصل حاصل بدونها.
وقول من قال : بل ابتدىء بها لتفتح لاستماعها أسماع المشركين إذا تواصوا بالإعراض عن القرآن إذا تُلي عليهم، وهذا ضعيف، لأنه لو كان كذلك لكان ذلك في جميع السور لا يكون في بعضها [ تفسير ابن كثير : ١ / ٥١ ].
عدد هذه الحروف المقطعة ( ١٤ ) حرفاً يجمعها قولهم : نص حكيم قاطع له سر.
افتتح الله عز وجل ( ٢٩ ) سورة بالحروف المقطعة.
وقد روي عن بعض السلف أنهم قالوا: ق جبل محيط بجميع الأرض يقال له جبل قاف، وكأن هذا، والله أعلم، من خرافات بني إسرائيل التي أخذها عنهم بعض الناس [ قاله ابن كثير ].
( وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ ) أي الكريم العظيم الذي ( لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ).
قال بعض العلماء : معنى المجيد هو كتاب شريف، أشرف من كل كتاب، عالي الطبقة فيما بين الكتب الإلهية في النظم والمعنى، وسيع المعاني عظيمها، كثير الوجوه، كثير البركات، جزيل المبرّآت، واسع الأوصاف وعظيمها، متناهٍ في الشرف والكرم والبركة، لكونه بياناً لما شرعه الله لعباده من أحكام الدين والدنيا.
أقسم تعالى بالقرآن، لأن الله تعالى يقسم بما شاء، وليس لخلقه أن يقسموا إلا به تعالى.
واختلفوا في جواب القسم ما هو ؟ فحكى ابن جرير عن بعض النحاة أنه قوله تعالى ( قد علمنا ما تنقص الأرض منهم وعندنا كتاب حفيظ) وفي هذا نظر، بل الجواب هو مضمون الكلام بعد القسم، وهو إثبات النبوة وإثبات المعاد وتقريره وتحقيقه.
وصف القرآن الكريم بالمجد، وله صفات كثيرة سأذكرها بالفوائد.