بلا ريب من أسبابه، غير أن سبباً واحداً لم نر العلماء قد ذكروه، ونراه من أقوى الأسباب أو يعدل أقراها إن لم يكن أقواها جميعاً، وبه القرآن يكون معجزاًَ لكل الناس، لا للعرب وحدهم، ولا لجيل من الأجيال، بل يكون معجزاً للأجيال كلها، ألا وهو شريعة القرآن، فما اشتمل عليه القرآن من أحكام سواء ما كان منها يتعلق بالأسرة أو ما يتعلق بالمجتمع، وما يتعلق بالعلاقة الدولية، فريد في بابه لم يسبقه شرع سابق، ولم يلحق بما وصل إليه شرع لاحق، وإذا ما كان ذلك كله قد جاء على لسان أمي لا يقرأ ولا يكتب، لم يتعلم قط لا بالقلم والقرطاس، ولا بالتلقين والتوقيف، ولا بالتجربة والأسفار، إن ذلك هو الإعجاز الذي تتيه العقول في تعرف سببه، إلا أن يكون ذلك من عند الله العلي الحكيم، وكذلك قال الرسول صلوات الله وسلامه عليه.
٦ - هذا كلام إجمالي وهو يحتاج إلى بعض من البيان، ولأجل أن نتبين قيمة ذلك الشرع في ذاته ونظر الناس يجدر بنا أن نرجع إلى الماضي السحيق ونتطلع إلى المستقبل البعيد.
أما في الماضي فنجد أن الشرع الذي أقترن بظهور محمد الرسول الأمين، هو قانون الرومان، فقد كان الشرع المسيطر في التطبيقات العملية والقضائية في مصر والشام وغيرها من البلدان التي تصاقب البلاد العربية وتحيط بها من الغرب والشمال، ويقول علماء