موازنة
إن ما اشتمل القرآن عليه من أحكام إذا ووزن بما كان عليه الناس وقت نزول القرآن، كان وحده دليلاً على أن القرآن من عند الله، بل إن أحكامه لا تزال جديدة إذا ووزنت بما عليه الناس اليوم، إذ بالموازنة يتبين أنها سبقت بعيداً، وأن الناس مهما تتفتق عقولهم عن شرائع قد وصلوا إليها بتجارب قضائية، وتجارب عملية، وبالاستعانة بثمرات العقول وما أنتجته الفلسفة والعلم، فلن يصلوا إلى ما جاء على لسان النبي الأمي محمد - ﷺ - لأن عمل الإنسان مهما تكن قدرته ناقص، وفي أي جانب اخترت للموازنة تنتهي بالحكم الجازم بسبق النبي، وعدم بلوغ أحد ما قرهه وثبته منذ ثلاثة عشر قرناً إلا أن يقبسوا من نوره، ويأخذوا من هديه، وينهلوا من معينه، ففقه الحكمة وفصل الخطاب. ولنختر الموازنة في بعض أحكام الأسرة، فإن أحكام الأسرة التي اشتمل عليها القرآن وبينها النبي موضع هجوم المهاجمين، وهدف لسهام النقد وسنبين أن تلك السهام مردودة في نحورهم، وسنلوي مقدم الدليل الذي ساقوه على نتيجتهم ونبين منه للباحث المنصف أن أحكام الأسرة في القرآن دليل إعجازه، وأن العقل البشري لم يصل إلى ما يقاربها.