وهذا كلام لا يقف على أصل ثابت ولا يعتمد على دعامة قائمة، بل فرية لا شك فيها، ولو كان محمد كذلك فيما أنزل عليه من شرع لأقر نظام التبني كما كان عند العرب، ولا أستمر زيدٌ ابناً له، وقد كان صفيه وحبه حتى أنه كان يلي ابنته فاطمة من المحبة، ولكن شرع الله أتى بالعدل الذي لم ينطق به ولم يقله أحد، ولم يجر على لسان أحد قبل محمد في البلاد العربية وما حولها.
وإن أردت أن تعرف فضل الإسلام فأقرنه يقانون الرومان الذي كان يعتبر القانون الأمثل في ذلك الزمن الغابر، بل إنه لازال يعتبر من أمثل القوانين في عصرنا الحاضر.
كان القانون الروماني يجيز التبني للأولاد المجهولي النسب وغير المجهولي النسب، ومجهولو النسب ومعلومو النسب تبنيهم يجوز بالاتفاق معهم وتصديق الإمبرطور إن لم يكونوا من ولاية أحد، وإن كانوا في ولاية آبائهم فبالاتفاق مع آبائهم، وكأن النسب شيء يمكن الاتفاق بالتراضي عليه، ولعل الأمر المعقول في هذا التبني غير المعقول أنهم اشترطوا أن يولد مثل الدعي لمدعيه، فقد جاء في مدونة جوستنيان ما نصه: "ومن المقرر أنه ليس لأحد قط أن يتبنى من هو أكبر منه سناً لأن التبني محاكاه للطبيعة، ومما يخالف الطبيعة أن يكون الإبن أكبر سناً من أبيه، وعليه فمن يريد أن يتبنى أحداًَ أو يستلحقه يجب أن يكون أسن منه،