وقد أمر الشارع القريب الغني بالإنفاق على قريبه الفقير نشراً للمودة في القريى، وجعل الميراث بعد الوفاة ليكون التعاون في جمع المال كاملاً كما تكون المودة كاملة، وجعل نفقة الأقارب والميراث يسيران في خط واحد لأنهما ينبعان من أصل واحد، فمن كانت تجب عليه نفقته إذا احتاج، هو الذي يرثخ لو مات غنياً، لأن الغرم بالغنم والحقوق والواجبات متقابلة وإن ذلك من قبيل محافظة الشارع الإسلامي على الأسرة، لأنها وحدة البناء الإجتماعي، وإنه في الوقت الذي تنحل فيه الروابط في الأسرة ينتدئ الانحلال في المجتمع، وأن الذين يغيرون على المبادئ الاجتماعية السليمة يجعلون الأسرة هدفهم، يحلونها ليحلوا عرا المجتمع عروة عروة، وإن جعل الشارع الإسلامي الوراثة في الأسرة مجتمعة على أن يكون بعضها أولى من بعض نظر متوسط بين نظر الاشتراكين الذين يمحون التوارث محواً تاماً، ولا يعتبرون للشخص إلا ما كان كسبه بيده، وبين نظر الإقرار بين الذين يجعلون للمالك سلطاناً في ماله بعد وفاته، يتصرف فيه كما يشاء، كما كان له سلطان في حياته، وفي كلتا النظرتين إطراح للأسرة أو نظرة لها من أضيق آفاقها كما هو الشأن في الشرائع التي جعلت الميراث الإجباري في الفروع وحدها، وبقدر ليس بكثير، لقد جاء الشارع الإسلامي وسلب من المورث الإرادة في الثلثين، وترك له الثلث