بيده من ابن عمرو بن العاص، حاكم مصر، وأن يكون القصاص في حضرته لكي يكون كاملا، ولكي يشفي صدر المظلوم، ثم يرسلها حكمة خالدة في الإنسانية قائلا لعمرو بن العاص: "منذ كم يا عمرو تعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا" فكانت شعار الأحرار في كل الأعصار والأمصار.
هذه هي الحرية التي أعطاها القرى، لمن يكفرون به، أعطاها لهم سمحاً كريماً لأ، هـ يكوَّن المسلم الحر الصادق في حريته، والحر حقاً وصدقاً هو الذي يقدر الحرية في غيره كما يقدرها في نفسه، وليس حراً كذلك الذي ينطلق في مآربة ويقيد حرية غيره تقييداً ظالما، وليس حراً ذلك الذي يوسع ما له ويضيق ما لغيره، ولقد بهرت هذه الحريةالدينية التي أعطاها القرآن لمن لا يؤمنون به أنظار العلماء المحققين من الاوربيين، الذين يميلون إلى الإنصاف أحياناً عندما يتكلمون في شئون الإسلام، واقرأ ما كتبه جوستاف لوبون في في كتابه حضارة العرب، فهو يقول:
"قد أدرك الخلفاء السابقون الذي كان عنهم من العبقرية ما ندر وجوده في دعاة الديانات، أن نظر الأديان ليست مما يفرض قسرا فعاملوا أهل سوريا ومصر وأسبانيا وكل قطر استولوا عليه برفق عظيم، تاركين لهم نظمهم ومعتقداتهم، غير فارضين عليهم سوى جزية زهيدة إذا ما قيست بما كانوا يدفعونه فيما مضى على