ثم ليوازن المنصفون بين القرآن وما صنعت جماعة الأمم المتحدة في فلسطين، فلقد خربت الديار وأخرجت ألف ألف أو يزيدون عراة يأكلهم الجوع والعري والحر والقر، ولم ترع عهداً ولا خلقاً ولا اجتماعاً ولا أي معنى من المعاني الإنسانية التي تربط بين بني الإنسان، ولكن الموازنة في الحقيقة لا تتحقق مقاييسها ولا تنضبط موازينها لأنها موازنة بين حكم الله الخالق العادل، وحكم عبد المخلوق الظالم، وموازنة بين حكم يقوي الروح، وحكم تسيطر عليه المادة والشهوة، وموازنة بين حكم الخوة الإنسانية الرابطة الجامعة التي وثقها مُنزل القرآن، وبين حكم القلب ووحشية بني الإنسان، هذه الحرية التي يعطيها الإسلام بنص القرآن لمن يستظاون بلوائه ممن يخالفونه، أما الحرية التي يعطيها جماعة المسلمين فهي الحرية المقيدة بالفضيلة وأحكام الدين وحقوق الغير، وقد كفل القرآن الكريم الحريات كلها دائرة الفضيلة واحترام الحقوق، فللمسلم بمقتضى حكم القرآن حرية الفكر، بل إنه حرص عليه ودعا إليه ومنع المسلم من أن يتبع الآباء، ونعى على الذين قالوا: ﴿بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ﴾
وإذا كان الإسلام دين العقل حقاً وصدقاً فأول ما اتجه إليه القرآن هو تحرير العقول من الأوصام ومن ربقة التقليد، ودعا إلى


الصفحة التالية
Icon