كانت المرأة في البلاد العربية - قبل الإسلام - متاعاً أو كالمتاع، لم يكن لها حقوق قبل وليها، يزوجها من يشاء، وليس لها رأي في أي أمر من أمورها، ولا تستحق شيئاً من ميراث، فإذا انتقلت من أسر الولاية الأبوية أو ما يتشعب عنها إلى الزواج، حلت ولاية الزوج محل ولاية الآباء من عصبيتها، فهي في أسر دائم مستمر منذ أن ينبثق لها فجر الوجود إلى أن يضمها القبر...
ثم جاءت شريعة القرآن فصانت للمرأة إنسانيتها، واعتبرتها إنساناً كاملاً. وهي كالرجل في الحقوق والواجبات التي تثبتها الإنسانية المجردة، منعت أن تنتقل الزوجة بالميراث، وعضلها - أي منعها قشراً وظلماً أن تتزوج الأكفاء من الرجال، كما تركت لها حرية الاختيار في الزواج، ولا خلاف بين الفقهاء في منع الإجبار عن البالغة العاقلة المجربة. وإن اختلفوا في توليها أمر العقد بنفسها، ومع ذلك فأبو حنيفة قرر - معتمداً على صحيح السنة - أنها إن اختارت الكفء فليس لولي معها شأن. وهذا مما لم تصل إليه المرأة في الأمم الأوربية إلا منذ عهد قريب، والقانون الفرنسي الذي يقدسه علماء القانون لا يعطي الفتى أو الفتاة حرية الاختيار قبل الخامسة والعشرين للفتى، والحادية


الصفحة التالية
Icon