وليس العدل في القرآن حقاً للحاكم يعيطه أو لا يعيطه، بل هو واجب عليه. وأمانة في عنقه، بل إن العدل لأشد الأمانات وجوباً، وأغلظها طلباً من الحكام، ولعله الأمانة التي صعب على السموات والأرض والجبال أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان.
والعدل له شعب شتى... وإن اختلفت الحقيقة في كلها، فالحقيقة الشاملة لكل معاني العدل هي إعطاء كب ذي حق حقه، سواء أكان هذا الحق شخصياً أم كان اجتماعياً، أم كان سياساً، وكل تصعيب لوصول الحق إلى صاحبه أو إلقاء عقبات في سبيله هو من قبيل الظلم...
وليس العدل في حقيقته - كما هو في الإسلام هو المساواة في كل صورها، بل إن من المساواة ما يكون عدلاً، ومنها ما يكون ظلماً، فالمساواة حيث تختلف الأسباب والأعمال وقوة الإنتاج ظلم كل الظلم...
وليس العدل أن يكون الناس سواء في الغنى والفقر، لأنهما ثمرتان في أكثر أحوالهما تفاوت: وتفاوت الفرص واختلاف المقادير، إذن فالتفاوت بين الناس في الغنى والفقر من الحقائق الثابتة التي لا يمكن محوها من الوجود، ولذك اعترف القرآن بهذه الحقيقة، ولم يحاول الشرع الإسلامي سنَّ نظام المساواة بين الأغنياء