ومتلائمة مع هذا الخلود، ولا يمكن أن تكون كذلك إذا كانت وقائع مادية تقتضي بإنقضاء وقتها، ولا يعلم بها علم اليقين إلا من عاينها، فالنار التي ألقى فيها خليل الله إبراهيم ولم تحرقه، لم يعلمها علم اليقين إلا الذين رأوها، وعصا موسى التي انقلبت حية تسعى، تلقف ما يأفكون، لم يعلمها علماً جازماً إلا الذين شاهدوها، وإبراء عيسى للأكمة والأبرص لم يعلم به إلآ الذين لمسوه.
أما معجزة محمد فهي ذلك القرآن المتلو المشتمل على الشريعة المحكمة، وهو باق يرى ويتلوى إلى يوم القيامة فيعلم حقيقته من ألتقى بالنبي صلوات الله عليخ وعاينه وخاطبه، ومن جاء بعد عذر الرسول بعشرة قرون. بل بعشرات القرون إن أمتد عمر الإنسان في هذه الأرض عشرات القرون، ولقد حفظه منزله الأجيال كما نزل على محمد ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾.
فالناس في كل الأجيال بعد محمد يرون معجزته رأي العيان، كمن شاهدوا محمداً وخاطبوه، وإن كان لهؤلاء الصحب الكرام فضل علم، فهم مشتق من مشافهة النبي خطابه والتحدث عليه، وهو مشرق الحق ومصدر العرفان وروح الهدى ونور الوجود.
وإذا كانت الأجيال كلها ترى تلك المعجزة وتفهمها، فهي حجة الله الفاتحة عليها، فإن ضلت لا تضل عن جهالة ولا عن