في دين الإسلام طائعين، وإن القتال الذي يثيره قادتهم يحول دون ذلك، وأن دفع المسلمين لهم يسهل وصول الدعوة الإسلامية إلى القلوب، وتلك رحمة ربانية لا نقول ذلك، كما لا نقول: إن رد المعتدين هو حمل لهم الفضيلة على وقتل لروح الشر في نفوسهم، وتلك رحمة إنسانية، فقد يقول قائل: إن ذلك إكراه على الدين، أو قريب من معنى الإكراه والله سبحانه وتعالى يقول: ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ﴾
وإنما نقول: إن رد الأعداء بقتال المعتدين هو رحمة بالأمم التي تقاد إلى الاعتداء من نوع آخر، ذلك أن الناس في الماضي كما هو في الحاضر لا يفكر دهماؤهم في قتل ولا قتال ولا حرب ولا نزال، إنما يريدون أن يقيموا بين ذويهم وأولادهم في عيشة راضية وحياة هادئة، ولكن كان يزعج أمنهم في الماضي طمع ملوكهم وأهواء قوادهم وحب للغلب يسيطر على الأمراء، ويرون ذلك فروسية، فيقودون جماعاتهم إلى الحتوف ويزعجون أمنهم ويخرجونهم من ديارهم، وقد حل الساسة اليوم محل الأمراء ينسابون بتلك الجموع التي خرجت وهي تريد الفرار إلى حرب لا يريدونها ولا يبغونها.
فإذا ترك الملوك المعتدون من غير رادع يردعهم، ولا مدافع