والشورى الحق توجب أن يكون ولي الأمر قد ولته الجماعة نفسها وارتضته حاكماً لها، وبايعته على الطاعة في المنشط والمكره من جانبها، وعلى العدل وإقامة حقوق الله والعباد على أكمل وجه من جانبه، وتوجب أن يكون مرجعه الأول والأخير هو الجماعة نفسها ممثلة في أهل الشورى منها، وهم الذين اختيروا لذلك بمقتضى اختيار الأمة أولاً وبالذات، أو بمقتضى ما أوتوا من علم في الدين وشئون الحياة وتجارب السياية، وخبرة في الاقتصاد والاجتماع وأحوال الجماعات...
وليس لأحد في الإسلام أن يدعي أنه ذو سلطة قدسية ممنوحة تفرض على غيره فرضاً، ويؤخذ بها قسراً، فقد انقطع الوحي بانتقال محمد إلى الرفيق الأعلى، ولم يبق للمسلمين إلا ما ترك من كتاب الله، هو الحجة الدائمة إلى يوم القيامة، والسنة النبوية الشريفة، وفيها المحجة البيضاء التي لا يدل سالكها قط.
وما ادعته بعض الطوائف الإسلامية من أن هناك وصيا أوصى إليه بالخلافة النبوية، وأنه بهذا له قدسية الولاية، لم يستمع المسلمون إليها، ولم يجدوا في كتاب الله ولا في سنة رسوله نص صريح أو مشير إليها، وقد قامت الخلافة الإسلامية الحق على أساس من الاختيار والمبايعة الكاملة.
* * *