... وقد هال المعادين والمكذبين هذا النمط من الأسلوب القرآنى وذلك اللون من التربية الألهية، واستنكروا أن يضرب الله الأمثال زاعمين أن الله أعلى من ذلك وأجل، وتساءلوا مستنكرين : أى قدر للذباب والعنكبوت حتى يضرب الله بها الأمثال ؟!، وجادلوا محتجين بأن الله عظيم ولن يتضمن كلامه إلا كل عظيم، ويرد القرآن عليهم بأن المولى سبحانه لا يرى من النقص أن يضرب مثلا بالبعوضة، أو بأصغرها حجما، فالمثل حق يدعو الى حق يعترف به المؤمنون فيزيدهم تمسكا بإيمانهم، وينكره المارقون الجاحدون فيزيدهم غواية على غوايتهم،
... والله سبحانه هو المثل الأعلى تنسب له وحده جميع الصفات المحمودة، فلا يجوز أن نصفه بصفة مما يوصف بها البشر، إلا بما وصف به نفسه، لذا نهى الله سبحانه على أن نضرب له الأمثال فقال عز من قائل " فلا تضربوا لله الأمثال " بل هو الذى يضرب لنفسه الأمثال، كما لا يجوز لنا أن نقتدى به لأنه سبحانه لا مثيل له، ولا شبيه له، وإنما تضرب الأمثال لمن غاب عن الأشياء، وخفيت عليه الأشياء، فالعباد يحتاجون الى ضرب الأمثال، إذ قد خفيت عليهم الأشياء، فضرب الله لهم مثلا من عند أنفسهم، لا من عند نفسه، ليدركوا ما غاب عنهم، فأما ما لا يخفى عليه شئ فى الأرض ولا فى السماء فلا يحتاج إلى الأمثال.
( وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون ) العنكبوت: ٤٣
القصة فى القرآن


الصفحة التالية
Icon