قال الغزالي: الاختلاف لفظ مشترك بين معان، وليس المراد نفي اختلاف الناس فيه؟ بل نفي الاختلاف عن ذات القرآن؟ يقال: هذا كلام مختلف؟ أي لا يشبه بعضه بعضا، أو لا يشبه أوله آخره، أو بعضه يدعو إلى الدين وبعضه يدعو إلى الدنيا؟ وهو مختلف التهم؟ فبعضه على وزن الشعر وبعضه ونزحف، وبعضه على أسلوب نحصوص في الجزالة، وبعضه على أسلوب يخالفه؟ وكلام الله عنزة عن هذه الاختلافات؟ فإنه على منهاج واحد في النظم يناسب أوله آخره، وعلى درجة واحدة في الفصاحة؟ فليس يشتمل على الغث والسمين، ومسوق بمعنى واحد؟ وهو دعوة الخلق إلى الله تعالى، وصرفهم عن الدنيا إلى الدين، وكلام الآدميين يتطرق إليه هذه الاختلافات؟ إذ كلاين الشعراء والمراسلين إذا قيس عليه وجد فيه اختلاف في منهج النظم، ثم اختلاف في درجات الفصاحة، ثم في أصل الفصاحة، حتى يشتمل على الغث والسمين، ولا تتساوى رسالتان ولا قصيدتان؟ بل تشتمل قصيدة على أبيات فصيحة وأبيات سخيفة، وكذلك تشتمل القصائد والأغراض على أغراض محتلفة؟ لأن الشعراء والفصحاء في كل واد يهيمون؟ فتارة يمدحون الدنيا، وتارة ينمو عكا، وتارة يذمون الجين ويسمونه ضتغفآ، وتارة يمدحونه ويسمونه حزماً وتارة يمدحون الشجاعة ويسمو شكا صرامة، وتارة ينمو شكا ويسمو شكا تهوري.
ولا ينفك كلام آدمي عن هذه الاختلافات؟ لأن منشأها اختلاف
ا لأغراض وا لأحوال.
والإنسان تختلف أحواله فتسعده الفصاحة عند انبساط الطبع وفرحه، وتتعذر عليه عنللى الانقباض؟ وكذلك تختلف أغراضه فيميل إلى الشيء مرة ويميل عنه أخرى، فيوجب ذلك اختلافا في كلامه بالضرورة، فلا يصاذ! إنسان يتسم في ثلاث وبين سنة- وفي مدة نزول القرآن- فيتهم على غرض واحد ومنهاج واحد.
وقد كان النص ! بشرا تختلف أحواله؟ فلو كان هذا كلامه أو كلام غيره من البحر لوجدوا فيه اختلافا كثيرا.


الصفحة التالية
Icon