وقد احتوت هذه السورةُ على تشريعاتٍ كثيرةٍ تُنْبِئُ بأنها أُنزلت لاستكمال شرائع الإسلام، ولذلك افْتُتِحَتْ بالوصايةِ بالوفاءِ بالعقودِ، أي بما عاقدوا الله عليه حين دخولهم في الإسلام من التزامِ ما يؤمرون به؛ فقد كان النبي"يأخذ البيعةَ على الصلاةِ والزكاةِ والنصحِ لكلِّ مسلم، كما في حديث جابر بن عبد الله في الصحيح، وأخذَ البيعةَ على الناس بما في سورة الممتحنة، كما روى عبادة ابن الصامت، وَوَقَعَ في أولها قولُه _تعالى_: [إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ] فكانت طالعتُها براعةَ استهلالٍ. ٦/٧٢_٧٣
وقد احتوتْ على تمييز الحلالِ من الحرام في المأكولات، وعلى حفظ شعائر الله في الحج والشهر الحرام، والنهي عن بعض المحرمات من عوائد الجاهلية مثل الأزلام، وفيها شرائعُ الوضوءِ، والغسلِ، والتيممِ، والأمرِ بالعدل في الحكم، والأمر بالصدق في الشهادة، وأحكامُ القصاص في الأنفسِ والأعضاء، وأحكامُ الحرابةِ، وتسليةُ الرسول " عن نفاق المنافقين، وتحريمُ الخمرِ والميسرِ، والأيمانُ وكفارتُها، والحكمُ بين أهل الكتابِ، وأصولُ المعاملةِ بين المسلمين، وبين أهل الكتاب، وبين المشركين والمنافقين، والخشيةُ من ولايتهم أن تُفْضَي إلى ارتداد المسلم عن دينه، وإبطالُ العقائد الضالة لأهل الكتابين، وذكرُ مساوٍ من أعمال اليهود، وإنصافُ النصارى فيما لهم من حسن الأدب، وأنهم أرجى للإسلام، وذكرُ قضيةِ التيهِ، وأحوالُ المنافقين، والأمرُ بتخلق المسلمين بما يناقض أخلاق الضالين في تحريم ما أُحِلَّ لهم، والتنويهُ بالكعبة وفضائلها وبركاتها على الناس، وما تخلَّلَ ذلك أو تَقَدَّمه من العبر، والتذكيرُ للمسلمين بنعم الله _تعالى_ والتعريضُ بما وقع فيه أهل الكتاب من نبذ ما أُمِرُوا به، والتهاون فيه، واستدعاؤهم للإيمان بالرسول الموعود به.