وأنه يوشك أن يَحِلَّ بهؤلاء مِثْلُهُ؛ فلا يَغُرَّهم تأخيرُ العذاب؛ فإنه إملاءٌ مِنَ اللهِ لهم كما أملى للأمم مِنْ قَبْلِهِمْ، وفي ذلك تأنيسٌ للرسول _عليه الصلاة والسلام_ والذين آمنوا، وبشارة لهم بعاقبة النصر على الذين فَتَنوهم وأخرجوهم من ديارهم بغير حقٍّ.
وأن اختلافَ الأممِ بين أهل هدىً وأهل ضلالٍ أمرٌ به افترقَ الناسِ إلى مللٍ كثيرة.
وأن يومَ القيامةِ هو يومُ الفصلِ بينهم لمشاهدة جزاءِ أهلِ الهدى وجزاءِ أهلِ الضلال.
وأن المهتدين والضالين خصمان اختصموا في أمر الله؛ فكان لكلِّ فريقٍ جزاؤه.
وسَلّى اللهُ رسولَه _عليه الصلاة والسلام_ والمؤمنين بأن الشيطانَ يُفْسِدُ في قلوب أهل الضلالة آثارَ دعوةِ الرسلِ، ولكنَّ اللهَ يُحكم دينَه، ويبطل ما يلقي الشيطان؛ فلذلك ترى الكافرين يُعْرِضُون، وينكرون آياتِ القرآن.
وفيها التنويهُ بالقرآنِ والمتلقين له بخشية وصبر، ووصفُ الكفارِ بكراهيتهم القرآن، وبغضِ المُرْسَلِ به، والثناءُ على المؤمنين، وأن اللهَ يَسَّرَ لهم اتباعَ الحنيفيةِ وسماهم المسلمين.
والإذنُ للمسلمين بالقتال، وضمانُ النصرِ، والتمكينُ في الأرض لهم.
وخُتِمَتِ السورةُ بتذكير الناسِ بِنِعَمِ اللهِ عليهم، وأن اللهَ اصطفى خَلْقاً مِنَ الملائكة ومِنَ الناس؛ فأقبل على المؤمنين بالإرشاد إلى ما يقربهم إلى الله زلفى، وأن الله هو مولاهم وناصرُهم. ١٧/١٨٣_١٨٥
أغراض السورة: هذه السورةُ تدورُ آيُهَا حولَ مِحْورِ تحقيقِ الوحدانية، وإبطالِ الشرك، ونقضِ قواعده، والتنويهِ بالإيمان وشرائعه.
فكان افتتاحُها بالبشارة للمؤمنين بالفلاح العظيم على ما تحلوا به من أصول الفضائلِ الروحية والعملية التي بها تزكيةُ النفس، واستقامةِ السلوكِ.


الصفحة التالية
Icon