أغراضها: وسبب نزولها _ فيما حكاه الواحدي في أسباب النزول وابن إسحاق في السيرة _ أن رسول الله"كان يطوف في الكعبة، فاعترضه الأسودُ ابن المطلب بنِ أسد، والوليدُ بنُ المغيرةِ، وأميةُ بنُ خلف، والعاصُ بنُ وائلِ، وكانوا ذوي أسنان في قومهم، فقالوا: يا محمد: هلم فلنعبد ما تعبد سنة، وتعبد ما نعبد سنة، فنشترك نحن وأنت في الأمر، فإن كان الذي تعبد خيراً مما نعبد كنا قد أخذنا بحظه منه، وإن كان ما نعبد خيراً مما تعبد كنت قد أخذت بحظك منه، فقال: =معاذ الله أن أشرك به غيره+.
فأنزل الله فيهم [قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ] السورة كلها، فغدا رسولُ اللهِ"إلى المسجد الحرام، وفيه الملأُ من قريشٍ، فقرأها عليهم، فيئسوا منه عند ذلك، وإنما عَرضوا عليه ذلك؛ لأنهم رأوا حِرْصَه على أن يؤمنوا؛ فطمعوا أن يستنزلوه إلى الاعتراف بإلهية أصنامهم.
وعن ابن عباس: =فيئسوا منه، وآذوه، وآذوا أصحابه+.
وبهذا يُعْلَمُ الغرضُ الذي اشتملت عليه، وأنه تأييسهم من أن يوافقهم في شيء مما هم عليه من الكفر بالقول الفصل المؤكد في الحال والاستقبال، وأن دينَ الإسلام لا يخالط شيئاً من دين الشرك. ٣٠/٥٨٠
أغراضها: والغرضُ منها الوعدُ بنصرٍ كاملٍ من عند الله أو بفتح مكة، والبشارةُ بدخول خلائقَ كثيرةٍ في الإسلام بفتحٍ، وبدونه إن كان نزولها عند مُنْصَرَفِ النبيِّ"من خيبر _كما قال ابن عباس في أحد قوليه_.
والإيماءُ إلى أنه حين يقع ذلك فقد اقترب انتقالُ رسولِ اللهِ"إلى الآخرة.
ووعدُه بأن الله غَفَرَ له مغفرةً تامةً لا مؤاخذةَ عليه بعدها في شيء مما يختلج في نفسِه الخوف أن يكون منه تقصيرٌ يقتضيه تحديدُ القوةِ الإنسانية الحدّ الذي لا يفي بما تطلبه هِمَّتُه الملكيةُ بحيث يكون قد ساوى الحدَّ الملكي الذي وصفه الله _تعالى_ في الملائكة بقوله [يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ]. ٣٠/٥٨٩


الصفحة التالية
Icon