قال اللَّه لنبيه: (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ) الآية.
فإن قال قائل: فأين الدلالة على أنهم حولوا إلى قبلةِ بعد قبلةِ؟
ففي قول اللَّه: (سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (١٤٢).
قال الشَّافِعِي رحمه الله تعالى: أخبرنا مالك، عن عبد اللَّه بن دينار، عن ابن
عمر، قال: "بينما الناس بقباء في صلاة الصبح اذ جاءهم آتٍ فقال: إن النبي قد أنزل عليه الليلة قرآن، قد أمِرَ أن يستقبل القبلة فاستقبلوها، وكانت وجوههم إلى الشام، فاستداروا إلى الكعبة" الحديث.
وأخبرنا مالك، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب أنه كان يقول:
صلى رسول الله - ﷺ - ستة عشر شهراً نحو بيت المقدس، ثم حولت القبلة قبل بدر بشهرين.
اختلاف الحديث: المقدمة (من أمثلة الكلام على النسخ / نسخ الكتاب بالكتاب)
قال الشَّافِعِي رحمه الله: والناسخ من القرآن؛ الأمر ينزله الله من بعد
الأمر يخالفه، كما حول القبلة، قال - عز وجل -:
(فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا) الآية،