قال الشَّافِعِي رحمه الله تعالى: فدلهم جل ثناؤه إذا غابوا عن عين المسجد
الحرام على صواب الاجتهاد، مما فرض عليهم منه، بالعقول التي ركب فيهم، المميزة بين الأشياء وأضادها، والعلامات التي نصب لهم دون عين المسجد
الحرام الذي أمرهم بالتوجه شطره.
وقال الشَّافِعِي رحمه الله تعالى: ففرض عليهم الاجتهاد بالتوجه شطر
المسجد الحرام، مما دلهم عليه مما وصفت، فكانوا ما كانوا مجتهدين غير مزايلين أمره جل ثناؤه، ولم يجعل لهم إذا غاب عنهم عين المسجد الحرام أن يصلوا حيث شاؤوا.
أحكام القرآن: فصل (فيما يؤثر عنه - الشَّافِعِي - من التفسير والمعاني في
الطهارات والصلوات) :
قال الشَّافِعِي رحمه الله: وفي قوله تعالى: (وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ) الآية.
قيل في ذلك - واللَّه أعلم -: لا تستقبلوا المسجد الحرام من المدينة إلا
وأنتم مستدبرون بيت المقدس، وإن جئتم من جهة نجد اليمن - فكنتم تستقبلون البيت الحرام، وبيت المقدس - استقبلتم المسجد الحرام، لا أنَّ إرادتكم (قصدكم وجهتكم) بيت المقدس، وإن استقبلتموه باستقبال المسجد الحرام، ولا أنتم كذلك تستقبلون ما دونه ووراءه، لا إرادة أن يكون قبلة، ولكن جهة قبلة.