فأما مريم - عليها السلام - فلا يعدو الملقون لأقلامهم يقترعون عليها.
أن يكونوا سواء في كفالتها؛ لأنه إنما يقارع من يدلي بحق فيما يفارع، ولا
يعدون إذا كان أرفق بها، وأبهل في أمرها، أن تكون عند واحد لا يتداولها
كلهم مدةَ مدة، أو يكونوا يقسموا كفالتها، فهذا أشبه معناها عندنا - واللَّه أعلم -.
فاقترعوا أيهم يتولى كفالتها دون صاحبه، أو تكون يدافعوها لئلا يلزم مؤنة
كفالتها واحداً دون أصحابه، وأيهما كان فقد اقترعوا لينفرد بكفالتها أحدهم، ويخلو منها من بقي.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: فلما كان المعروف لنساء الرافق بالنساء، أن يخرج
بواحدة منهن، فهنَّ في مثل هذا المعنى، ذوات الحق كلهنَّ، فإذا خرج سهم
واحدة كان السفر لها دونهن، وكان هذا في معنى القرعة في مريم، وقرعة يونس حين استوت الحقوق، أقرع لتنفرد واحدة دون الجميع.
الأم (أيضاً) : كتاب القرعة:
أخبرنا الربيع بن سلبمان قال:
أخبرنا الشَّافِعِي قال: قال اللَّه تعالى: (وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ (٤٤).
قال الشَّافِعِي رحمه الله: فأصل القرعة في كتاب اللَّه - عز وجل - في قصة المقترعين على مريم - عليها السلام - والمقارعي بونس عليه السلام مجتمعة، فلا تكون القرعة - واللَّه أعلم - إلا بين قوم مستوين في الحجة.