فأقام جل ثناؤه - حجته على خلقه في أنبيائه، في الأعلام التي باينوا بها
خلقه سواهم، وكانت الحجة بها ثابتة على من شاهد أمور الأنبياء، ودلائلهم
التي باينوا بها غيرهم، ومن بعدهم - وكان الواحد في ذلك وأكثر منه سواء - تقوم الحجة بالواحد منهم قيامها بالأكثر.
أحكام القرآن: فصل في تثبيت خبر الواحد من الكتاب:
واحتج الشَّافِعِي بالآيات التي وردت في القرآن، في فرض اللَّه طاعة رسوله - ﷺ -، ومن بعده إلى يوم القيامة واحداً واحداً، في أنَّ على كل واحد طاعته، ولم يكن أحد غاب عن رؤية رسول الله - ﷺ - له يعلم أمر رسول الله - ﷺ - وشرَّف وكرَّم، إلا بالخبر عنه - وبسط الكلام فيه -.
* * *
قال الله عزَّ وجلَّ: (وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (١٥٤)
الرسالة: باب (كيف البيان؟) :
قال الشَّافِعِي رحمه الله: ومنه - أي من البيان - ما فرض اللَّه على خلقه
الاجتهاد في طلبه، وابتلى طاعتهم في الاجتهاد، كما ابتلى طاعتهم في غيره مما فرض عليهم، قال سبحانه: (وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ) الآية.