الرسالة (أيضاً) : باب (العلل في الأحاديث) :
قال الشَّافِعِي رحمه الله: قال الله تعالى: (وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ) الآية، والتي قبلها، وذكر الله من حرّم، ثم قال: (وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ) الآية، فقال رسول الله - ﷺ -:
"لا يجمع بين المرأة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها" الحديث.
فلم أعلم مخالفاً في اتباعه.
فكانت فيه دلالتان:
الأولى: دلالة على أن سنَّة رسول الله لا تكون مخالفة لكتاب الله بحال.
ولكنها مبينة عامَّهُ وخاصَّهُ.
الثانية: ودلالة على أنهم قبلوا فيه خبر الواحد، فلا نعلم أحداً رواه من
وجه يصح عن النبي - ﷺ - إلا أبا هريرة - رضي الله عنه -.
قال - المحاور -: أفيحتمل أن يكون هذا الحديث عندك خلافاً لشيء من
ظاهر الكتاب؟
فقلت: لا، ولا غيره.
قال: فما معنى قول الله: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ) الآية، فقد ذكر
التحريم وقال: (وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ) الآية.
قلتُ: ذكَر تحريم من هو حرام بكل حال، مثل: الأمّ والبنت والأخت
والعمّة والخالة وبنات الأخ وبنات الأخت، وذكر من حرّم بكلّ حال من
النسب والرضاع، وذكر من حَرَّم من الجمع بينه، وكان أصل كل واحدة منهما


الصفحة التالية
Icon