فلما دانت لرسول الله - ﷺ - بالطاعة، لم تكن ترى ذلك يَصلحُ لغير رسول الله - ﷺ -، فأمروا أن يطيعوا أولي الأمر الذين أمَّرهم رسول الله - ﷺ -، لا طاعة
مطلقة، بل طاعة مستثناة، فيما لهم وعليهم، فقال: (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ) الآية، يعني إن اختلفتم في شيء.
وهذا - إن شاء الله - كما قال في أولي الأمر، إلا أنه يقول: (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ)
يعني - والله أعلم - هم وأمراؤهم الذين أمروا بطاعتهم، (فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ) يعني - والله أعلم -: إلى ما قال الله والرسول إن عرفتموه، فإن لم تعرفوه سألتم رسول الله - ﷺ - عنه إذا وصلتم؛ أوْ مَنْ وصل منكم إليه؛ لأن ذلك الفرض الذي لا منازعة لكم فيه. لقول الله: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ).
ومَنْ يُنازع ممن بعد رسول اللَّه رد الأمر إلى قضاء اللَّه، ثم قضاء رسوله.
فإن لم يكن فيما تنازعوا فيه قضاء - نصاً فيهما، ولا في واحد منهما - ردوه
قياساً على أحدهما، كما وصفت من ذكر القِبلَة والعدل والمثل، مع ما قال اللَّه في غير آية مثل هذا المعنى.
مناقب الشَّافِعِي: باب (ما يستدل به على معرفة الشَّافِعِي بأصول الفقه) :
قال الشَّافِعِي رحمه الله: وقد فَرَضَ اللَّه في كتابه طاعة رسوله - ﷺ - والانتهاء إلى حكمه. قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) الآية.
* * *
قال الله عزَّ وجلَّ: (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (٦٥)


الصفحة التالية
Icon