أن تكون هناك قراءة بالإفراد، وإن كانت - إذا وجدت - لا تفيد في الاحتجاج لما يريد؛ لأن سياق الكلام في شأن عيسى عليه السلام، فلو كان اللفظ: (وَرَسُوله) لكان المراد به عيسى، ولكني لم أجد آية قراءة في هذا الحرف من الآية بالإفراد.
لا في القراءات العشر، ولا في غيرها من الأربع، ولا في القراءات الأخرى التي يسمونها: (القراءات الشاذة).
ومن عجب أن يبقى هذا الخطأ في الرسالة، وقد مضى على تأليفها أكثر
من ألف ومائة وخمسون سنة، وكانت في أيدي العلماء هذه القرون الطوال.
وليس هو من خطأ في الكتابة من الناسخين، بل هو خطأ علمي، انتقل فيه ذهن المؤلف الإمام، من آية إلى آية أخرى حين التأليف: ثم لا ينبه عليه أحد! أولا يلتفت إليه أحد!
وقد مكث أصل الربيع من الرسالة بين يدي عشرات من العلماء الكبار.
والأئمة الحفاظ، نحواً من أربعة قرون إلى ما بعد سنة ٦٥٠ هـ يتداولونه بينهم قراءة وإقراء ونسخاً ومقابلة، كما هو ثابت في السماعات الكثيرة المسجلة مع الأصل، وفيها سماعات لعلماء أعلام، ورجال من الرجالات الأفذاذ، وكلهم دخل عليه هذا الخطأ، وفاته أن يتدبر موضعه فيصححه.
ومرد ذلك كله - فيما نرى واللَّه أعلم -: إلى الثقة ثم إلى التقليد، فما كان
ليخطر ببال واحد منهم أن الشَّافِعِي، وهو إمام الأئمة، وحجة هذه الأمة يخطئ في تلاوة آية من القرآن، ثم يخطئ في وجه الاستدلال بها، والموضوع أصله من بديهيات الإسلام، وحجج القرآن فيه متوافرة، وآياته متلوة محفوظة، ولذلك لم يكلف واحد منهم نفسه عناء المراجعة، ولم يفكر في صدر الآية التي أتى بها الشَّافِعِي للاحتجاج، تقليداً له وَثِقَة به، حتى يرى إن كان موضعها موضع الكلام في شأن نبينا - ﷺ - أو في شأن غيره من الرسل عليهم السلام.
ونقول هنا: ما قال الشَّافِعِي رحمه اللَّه فيما مضى من الرسالة في الفقرة /
١٣٦: (وبالتقليد أغفل من أغفل منهم، واللَّه يغفر لنا ولهم). اهـ،