وفي قوله: (وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ) الآية، إنما هو: أن يفعل بالجارح مثل ما فعل
بالجروح، فلا نقِص من واحد إلا في شيء يفات من الذي أفات، مثل عين وسن وأذن ولسان وغير هذا مما يفات.
الأم (أيضاً) : باب (الإحصار بالعدو) :
قال الشَّافِعِي رحمة الله: فقلت له - للمحاور -: إن القصاص وإن كان
يجب لمن له القصاص، فليس القصاص واجباً عليه أن يقتص.
قال: وما دل على ذلك؟
قلت: قال الله - عزَّ وجلَّ: (وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ) الآية، أفواجب على من
جُرح أن يَقتص ممن جَرحه، أو مباح له أن يقتص، وخير له أن يعفو؛ قال: له أن يعفوَ، ومباح له أن يقتص.
الأم (أيضاً) : ما جاء في أَقْطع اليد والرجل يسرق:
قال الشَّافِعِي رحمه الله: فإن قال قائل: قال اللَّه - عز وجل -:
(وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ)
قال: فأتأوَّلُ ما كانت حال المقتص منه، مثل حال المقتص له.
وأقول: أنت لا تقص من جُرْح واحدٍ، إذا أشبه الاستهلاك وتجعله دية، والإتيان على قوائمه عين الاستهلاك، ما الحجة عليه إلا أن للقصاص موضعاً، فكذلك للقطع موضع - والله سبحانه وتعالى أعلم -.
الأم (أيضاً) : الحكم في قتل العمد:
قال الشَّافِعِي رحمه الله: وإن أحبّ الولاة، أو المجروح، العفو في القتل بلا
مال ولا قَوَد، فذلك لهم.
فإن قال قائل: فمن أين أخذت العفو في القتل بلا مال