قال المزني رحمه اللَّه: هذا عندي به، وبالحق أولى، قال اللَّه جل ثناؤه:
(آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا (١٠) فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا (١١).
فأفهمهم ما يقوم مقام الكلام، ولم يتكلم.
وقد احتج الشَّافِعِي رحمه الله، بأن الهجرة محرمة فوق ثلاث، فلو كتب أو
أرسل إليه، وهو يقدر على كلامه، لم يخرجه هذا من الهجرة التي يأثم بها.
قال المزني رحمه اللَّه: فلو كان الكتاب كلاماً لخرج به من الهجرة، فتفَهَّم.
* * *
قال الله عزَّ وجلَّ: (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا (٤١) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا (٤٢)
الأم: باب (الولاء والحِلْف)
أخبرنا الربيع بن سليمان قال:
أخبرنا محمد بن إدريس الشَّافِعِي رحمه الله قال: أمر اللَّه تبارك وتعالى أن
يُنسب من كان له نسب من الناس نسبين: من كان له أب أن ينسب إلى أبيه، ومن لم يكن له أب فلينسب إلى مواليه، وقد يكون ذا أب وله موالٍ، فينسب إلى أبيه ومواليه، وأولى نسَبَيه أن يبدأ به أبوه، وأمر أن ينسبوا إلى الإخوة في الدين مع الولاء، وكذلك ينسبون إليها مع النسب.
والإخوة في الدين ليست بنسب، إنما هي صفة تفع على المرء بدخوله في
الدين، ويخرج منها بخروجه منه.