قال الله عزَّ وجلَّ: (وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا)
الأم: باب (تحريم الصيد) :
قال الشَّافِعِي رحمه الله: فإن قال قائل: فالبحر المعروف البحر المالح، قيل:
نعم، ويدخل فيه العذب، وذلك معروف عند العرب.
فإن قال: فهل من دليل عليه في كتاب الله؟
قيل: نعم، قال اللَّه - عز وجل -:
(وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا)
ففي الآية دلالتان:
إحداهما: أن البحر العذب والمالح، وأن صيدهما مذكور ذِكراً واحداً فكل ما
صيد في ماء عذب، أو بحر، قليل أو كثير مما يعيش في الماء للمُحرِم حلال، وحلال اصطياده، وإن كان في الحرم؛ لأن حكمه حكم صيد البحر الحلال للمُحرِم لا يختلف، ومن خوطب بإحلال صيد البحر وطعامه عقل أنه إنما أُحل له ما يعيش في البحر من ذلك، وأنه أحل كل ما يعيش في مائه؛ لأنه صيده وطعامه عندنا: ما ألقى وطفا عليه - واللَّه أعلم - ولا أعلم الآية تحتمل إلا هذا المعنى.
ثانيهما: أو يكون طعامه في دواب تعيش فيه فتؤخذ بالأيدي بغير
تكلُّف، كتكلف صيده، فكان هذا داخلاً في ظاهر جملة الآية - والله أعلم -.


الصفحة التالية
Icon