قال الشَّافِعِي رحمه الله: الذي عقلت مما سمعت في: (يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا)
الآية، أن المتظاهر حرم مس امرأته بالظهار، فإذا أتت عليه مدة بعد القول
بالظهار لم يحرمها بالطلاق الذي يحرّم به، ولا شيء يكون له مخرج من أن تحرم عليه به، فقد وجب عليه كفارة الظهار، كأنهم يذهبون إلى: أنه إذا أمسك ما حرَّم على نفسه أنه حلال، فقد عاد لما قال فخالفه، فأحلَّ ما حرّم.
ولا أعلم له معنى أولى به من هذا، ولم أعلم مخالفاً في أن عليه كفارة
الظهار، وإن لم يعد بتظاهر آخر، فلم يجز أن يقال: لما لم أعلم مخالفاً في أنه ليس بمعنى الآية.
وإذا حبس المتظاهر امرأته بعد الظهار قدر ما يمكنه أن يطلقها، ولم
يطلقها، فكفارة الظهار له لازمة.
ولو طلقها بعد ذلك، أو لاعَنَها فحرمت عليه على الأبد، لزمته كفارة
الظهار، وكذلك لو ماتت، أو ارتدت، فقتلت على الردة، ومعنى قول اللَّه تعالى: (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا) الآية.
وقت لأن يؤدي ما أوجب عليه من الكفارة فيها
قبل الماسة، فإذا كانت المماسة قبل الكفارة فذهب الوقت، لم تبطل الكفارة، ولم يزد عليه فيها، كما يقال له أدِّ الصلاة في وقت كذا، وقبل وقت كذا، فيذهب الوقت فيؤديها؛ لأنها فرض عليه، فإذا لم يؤدها في الوقت أداها قضاء بعده، ولا يقال له زد فيها لذهاب الوقت قبل أن تؤديها.
الأم (أيضاً) : باب (الخلاف في عدل الصيام والطعام) :
قال الشَّافِعِي رحمه الله: حكم اللَّه على المظاهر إذا عاد لما قال:
(فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ) فإن لم يجد (فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ)
فإن لم يستطع (فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا).