الأم (أيضاً) : باب (حكاية قول الطائفة التي ردت الأخبار كلها) :
قال الشَّافِعِي رحمه الله: قال اللَّه - عز وجل -: (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ) الآية، قال - أي: المحاور - فقد علمنا أن الكتاب كتاب الله، فما الحكمة؟
قلت: سنة رسول الله - ﷺ -.
قال: أفيحتمل أن يكون يعلمهم الكتاب جملة والحكمة خاصة وهي
أحكامه؟
قلت تعني بأن يبين لهم عن اللَّه - عز وجل - مثل ما بين لهم في جملة الفرائض، من الصلاة والزكاة والحج وغيرها، فيكون اللَّه قد أحكم فرائض من فرائضه بكتابه، وبين كيف هي على لسان نبيه - ﷺ -.
قال: إنه ليحتمل ذلك.
قلت: فإن ذهبت - به - هذا المذهب فهي في معنى الأول قبله، الذي لا تصل إليه إلا بخبر عن رسول الله - ﷺ -.
قال: فإن ذهبت مذهب تكرير الكلام؟
قلت: وأيهم أولى به ذكر (الكتاب والحكمة) أن يكون شيئين، أو شيئاً واحداً.
قال: يحتمل أن يكونا كما وصفت كتاباً وسنة، فيكونا شيئين، ويحتمل أن
يكونا شيئاً واحداً.
قلت: فأظهرهما أولاهما، وفي القرآن دلالة على ما قلنا، وخلاف ما
ذهبت إليه.
قال: وأين هي؟
قلت قوله اللَّه - عز وجل -: (وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا (٣٤).
فأخبر أنه يتلى في بيوتهن شيئان.