مسيلمة، وسجد عمر - رضي الله عنه - حين جاءه فتح مصر شكراً لله جل اسمه، فإذا جاز أن يتطوع لله بسجدة فكيف كرهت - الخطاب: للمحاوَر - أن يتطوع بأكثر منها؟
وقلت له: ولو أن رجلاً ذهب في قول الله تبارك وتعالى في المزمل حين خُفّفَ
قيام الليل ونصفه، قال: (فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ) الآية.
يعني: صلوا ما تيسر أن يكون، جعل ذلك إليهم فيما قد وضع عنهم فرضه بلا توقيت، كان أقرب إلى أن يشبه أن يكون هذا له حجة، واللَّه تعالى أعلم منك.
وقد أوتر عثمان بن عفان وسعد وغيرهما رضي اللَّه عنهم أجمعين بركعة
في الليل، لم يزيدوا عليها بعد المكتوبة.
أخبرنا عبد المجيد، عن ابن جريج قال:
أخبرني عتبة بن محمد بن الحارث، أن كريباً مولى ابن عباس رضي اللَّه عنهما، أخبره أنه رأى معاوية صلى العشاء ثم أوتر بركعة لم يزد عليها فأخبرنا ابن
عباس رضي الله عنهما، فقال: أصاب - أي: بني -، ليس أحد منا أعلم من معاوية هي واحدة، أو خمس، أو سبع إلى أكثر من ذلك الوتر ما شاء.
الرسالة: الناسخ والمنسوخ الذي يدل الكتاب على بعضه، والسنة على بعضه:
قال الشَّافِعِي رحمه الله: مما نقل بعض مَن سمعت منه من أهل العلم: أن
الله أنزل فرضاً في الصلاة قبل فرض الصلوات الخمس فقال:
(يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (١) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (٢) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (٣) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا (٤).
الآيات.
ثم نسخ هذا في السورة معه فقال:
(إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ) الآية.