قال الله عزَّ وجلَّ: (هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالْأَوَّلِينَ (٣٨)
مناقب الشافعى: باب (ما يستدل به على اجتهاد الشافعى في طاعة ربه وزهده في الدنيا) :
أخبرني محمد بن عبد اللَّه بن عبد الحكم قال: جلسنا يوماً نتذاكر الزُّهاد
والعبَّاد، وما بلغ من فصاحتهم حتى ذكرنا ذا النون، فبينما نحن كذلك إذ دخل علينا عمر بن نباته فقال: فيما تشاجرون؟
فقلنا: نتذاكر الزهاد والعبَّاد وما بلغ من فصاحتهم حتى ذكرنا ذا النون. فقال: واللَّه ما رأيت رجلاً قط أفصح ولا أورع من محمد بن إدريس الشَّافِعِي رحمة اللَّه عليه.
ثم قال: خرجت أنا وهو والحارث بن لبيد ذات يوم إلى الصفا فافتتح الحارث، وكان غلاماً لصالح المري، فقرأ:

(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)

(هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالْأَوَّلِينَ)
فرأيت الشَّافِعِي قد اضطرب، ثم بكى بكاء شديداً، ثم لم يتمالك أن قال:
إلهي، أعوذ بك من مقال الكاذبين، وإعراض الغافلين، إلهي، لك خضعت
قلوب العارفين، وذلَّت هيبة المشتاقين، إلهي هب لي جودك، وجللني بسترك، واعف عن توبيخي بكرم وجهك، يا أرحم الراحمين.


الصفحة التالية
Icon