الشمس، فقال: "إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فاذكروا الله"
قالوا: يا رسول الله رأيناك قد تناولت في مقامك هذا شيئاً، ثم رأيناك كأنك تكعكت فقال: "أني رأيت أو أريت الجنة فتناولت منها عنقوداً، ولو أخدته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا، ورأيت أو أريت النار فلم أرى كاليوم منظراً، وأريت كثر أهلها النساء"
فقالوا: لم يا رسول الله؛ قال: "يكفرن" قيل: أيكفرن بالله؟
قال: "يكفرن العشير، ويكفرن الإحسان، لو أحسنت إلى إحداهن الدهر ثم رأت منك شيئاً قالت: ما رأيت منك خيراً قط" الحديث.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: فذكرُ ابن عباس رضي الله عنهما ما قال رسول اللَّه
- ﷺ - بعد الصلاة دليل على أنه خطب بعدها، وكان في ذلك دليل على أنه فرق بين الخطبة للسنة، والخطبة للفرض، فقدم خطبة الجمعة؛ لأنها مكتوبة قبل الصلاة، وأخر خطبة الكسوف؛ لأنها ليست من الصلوات الخمس، وكذلك صنع في العيدين؛ لأنهما ليستا من الصلوات - أي المكتوبة - وهكذا يتبقى أن يكون في صلاة الاستسقاء.
وذكر أنه أمر في كسوف الشمس والقمر بالفزع إلى ذكر الله، وكان ذكر
الله - عزَّ وجلَّ الذي فزع إليه الرسول - ﷺ -، ثم التذكير، فوافق ذلك قول الله عزَّ وجلَّ: (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (١٤) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى) الآيتان.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: فكان في قول ابن عباس رضي الله عنهما عن
رسول الله - ﷺ - كفاية من أن رسول الله - ﷺ - قد أمر في خسوف القمر بما أمر به في


الصفحة التالية
Icon